11 سبتمبر 2025
تسجيللابد أن الشعب الفلسطيني حمد الله كثيرا أن مكن لصوت العقل لدى قادته وهداهم أخيرا إلى الاتفاق على إنهاء انقسامهم الذي دام لأكثر من سبع سنوات حسوما. ووفقهم إلى تشكيل الحكومة الفلسطينية الوفاقية التي طال انتظارها. لقد عانى الشعب الفلسطيني بما لا مزيد عليه من المعاناة والإحباط على مدى سبع سنوات، وهو يكابد محنة الانتظار على حرقة الأمل والترقب تحقيق الوفاق الفلسطيني. لقد غاب عن ذهن القادة الفلسطينيين أنهم بتلك الخلافات والانقسامات المزمنة قد أعطوا عدوهم الوقت والبراح الذهني لتنفيذ مخططه لابتلاع ما تبقى من أراضيهم في الضفة والقدس الشرقية تحت حجة وستار (التطور الطبيعى) للمستطوطنات اليهودية في الضفة الغربية وفي القدس الشرقية. احسب أن القادة الفلسطينيين يدركون أكثر من غيرهم أن شعبهم الفلسطيني في الضفة والقطاع وأصقاع الدياسبورا العالمية لم يعد يفهم فيم الخلاف والاختلاف وهو يرى أنه مقبل على وضع لن يبقى له ما يمكن الاختلاف عليه وحوله *. لقد رفضت الأسرة الدولية الاعتراف بحكومة حماس في القطاع ورفضت التعامل معها وقاطعتها سياسيا واقتصاديا. وكانت تلك الرسالة شديدة الدلالة على عبثية الممارسة السياسية لبعض القيادات الفلسطينية. المؤلم أن أضرار المقاطعة السياسية والاقتصادية التي نفذتها بعض القوى الدولية ضد حكومة حماس برئاسة إسماعيل هنية وقعت على الشعب الفلسطيني في القطاع ولم تقع على أؤلئك القادة الخلافيين كما هي العادة دائما. غير أن الضرر الأكبر وقع على القضية الفلسطينية حين دبّ الملل واليأس وسط حلفاء الشعب الفلسطيني من دول ومن منظمات دولية ومنظمات مجتمع مدني دولية وشعوب عالمية وهم يرون قادة الشعب الفلسطيني وهم صادرون في خلافاتهم المتجددة، فقلّ حماسهم للقضية ولقادة هذه القضية الغارقين في وحل الخلافات . لقد ظهر كل ذلك جليا في تدنى مستوى الاستجابة لطلبات العون المالي والاقتصادي والإنساني التي تقدمها الأمم المتحدة والمنظمات الدولية ومنظمات المجتمع المدنى العالمية باسم القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني. صحيح أن الأسرة الدولية لم تبخل على مدى ستة عقود في دعم القضية الفلسطينية في كل الضروب. وصحيح أيضاً أنها سوف تظل سائرة في هذا الطريق بالجدية كلها متى حافظ قادة القضية على جديتهم هم في المقام الأول. ولكن لا أحد يتوقع أن تظل الأسرة الدولية ضرعا حلوبا مدرارا في كل الأوقات دون أن يبين من ذلك أى نفع عام للشعب الفلسطيني بسبب خلافات قادته. بقي أن يلاحظ قادة الحكومة الفلسطينية الجديدة العداء الشديد الذي قابل به العنصري اليهودي الأول بنيامين نتنياهو إعلان مولد هذه الحكومة. فهذا العنصري المريض بالكراهية كان يستثمر في خلافات القادة الفلسطينيين. حكومة الوفاق الفلسطينية منوط بها، ومرجو منها أن تبطل الاستثمارات الصهيونية في الخلافات الفلسطينية. وخوف الرجل من الوفاق الفلسطيني ينطلق من إحساسه باحتمال أن ينجح المشروع الاستثماري الفلسطيني الجديد. أعني الاستثمار في مشروع الوحدة الفلسطينية.