12 سبتمبر 2025
تسجيلبعد أن تأخر لمدة عامين وما زال إدراج سوقي الإمارات والدوحة للمؤشر العالمي للأسواق الناشئة "MSCI" لأسباب عديدة يتوقع أن يعلن عن قرار الموافقة من عدمه يوم الأربعاء القادم 20 من يونيو الجاري، كما يتوقع أن تتم محاولات مماثلة خلال الفترة القريبة القادمة لانضمام السوق السعودية لهذا المؤشر والذي ستكون له انعكاسات كبيرة على نشاط السوق، وبالأخص على عملية جذب المستثمرين الأجانب لأسواق المال الخليجية. ومع أن هناك انفصالا تاما بين أداء الاقتصاد والبورصات في دول مجلس التعاون في ظاهرة نادرة الوجود في أسواق المال، على اعتبار أن البورصة هي المرآة الحقيقية لاقتصادات الدول، إلا أن الوضع في دول المجلس مختلف تماما، فالأداء الاقتصادي الجيد والمدعوم بأسعار النفط المرتفعة في واد والبورصات الخليجية في واد آخر. وتكمن أحد أسباب هذه الظاهرة في شح السيولة في البورصات الخليجية، وذلك رغم فائض السيولة في الأسواق المحلية والتي تبحث عن منافذ استثمارية، إلا أن هذه البورصات فقدت ثقة المستثمرين لأسباب عديدة، يأتي في مقدمتها نقص الشفافية والحوكمة. من هنا، فإن عملية السعي للانضمام للأسواق الناشئة يمثل فرصة حقيقية لتجاوز أزمة الثقة هذه بين المستثمرين وأسواق المال في دول مجلس التعاون والتي قد يتيح لها الخروج من عنق الزجاجة التي تمر بها منذ سنوات عديدة، إذ إنه مع تلبية شروط الانضمام لمؤشر الأسواق الناشئة، فإن هذه المؤسسة العالمية والتي تعتبر أكبر مزود للأدوات المساندة للقرارات الاستثمارية في الأسواق العالمية سوف تساهم من خلال تقاريرها الدورية عن الأسواق الخليجية في إضفاء الكثير من الشفافية على هذه الأسواق، وبالتالي كسب ثقة المستثمرين المحليين والأجانب. وستشمل هذه التقارير في حالة انضمام الأسواق الخليجية تحليلات للمؤشرات والمخاطر التي قد تتعرض لها وأداء المحافظ الاستثمارية وحوكمة الشركات والتي تعتبر ضعيفة بالأسواق الخليجية في الوقت الحاضر، حيث تتم متابعة مثل هذه التقارير من قبل صناديق الاستثمار حول العالم والتي تبحث عن فرص استثمارية، وبالأخص في الأسواق الناشئة. يتزامن هذا التوجه مع توجهات أسواق المال في دول مجلس التعاون لتقديم المزيد من التسهيلات للمستثمرين الأجانب والسماح لهم بالاستثمار المباشر في أسواقها المالية، وهي خطوة متقدمة لا تخلو من الإيجابيات والمحاذير التي يمكن تفاديها من خلال اتخاذ إجراءات ترمي إلى تطوير أدوات هذه الأسواق واستكمال مقوماتها. وفي مقابل متطلبات "MSCI"، كالشفافية والحوكمة والتي ستكون مفيدة للغاية للأسواق الخليجية وستدعم من ثقة المستثمرين بها، فإن هناك متطلبات أخرى خاصة بالأسواق ذاتها والتي يمكن من خلالها تفادي بعض المحاذير الخطرة، فانعكاسات تدفق الاستثمارات الأجنبية على الأسواق الخليجية ليست كلها وردية، ففي الوقت الذي ستساهم في حل مشكلة الثقة والسيولة، فإنها ربما تساهم في تأجيج المضاربات من خلال الأموال الساخنة. والحال، فإنه لا يوجد أسهل من البورصات الخليجية لاستغلالها في المضاربات بسبب سهولة دخول وخروج الأموال الساخنة وغياب شركات صانعة الأسواق والتي يمكنها الحد من المضاربات من خلال قدراتها المالية وخبراتها في أسواق المال. لذلك، فإن الانضمام لمؤشر " MSCI " العالمي مسألة مهمة لأسواق المال الخليجية وستؤدي إلى انتعاش هذه الأسواق في حال الموافقة على انضمام الأسواق الثلاث المرشحة، وهي الإمارات وقطر والسعودية، إلا أن على هذه الأسواق الاستعداد لعملية الانضمام هذه، إذ إنه من دون عملية الاستعداد ربما تكون النتائج على غير ما هو متوقع منها. وضمن عملية الاستعداد، تأتي أولا ضرورة استكمال البنية التشريعية والقانونية لأسواق المال الخليجية والتي هي بحاجة إلى إصدار تشريعات جديدة تمنح إدارات هيئات الأسواق المزيد من الصلاحيات التنظيمية والإدارية بعيدا عن تجاذبات وتضارب المصالح. وثانيا، فإن عملية الشفافية والحوكمة بحاجة لدعم إضافي، فالتسريبات الخاصة بأوضاع الشركات المدرجة وأدائها ومستويات أرباحها ما زالت تتوالى وتؤثر بصورة كبيرة في ثقة المستثمرين، بل وتساهم في اهتزاز هذه الثقة باستمرار. وثالثا، فإنه لا بد من الإسراع في تأسيس شركات صانعة الأسواق والتي يتوقع أن تلعب دورا كبيرا في تعزيز الثقة في البورصات ودعم استقرارها والحد من المضاربات التي أصبحت سمة مميزة لأسواق المال الخليجية في السنوات الماضية. إذن هناك إجراءات متبادلة بين أسواق المال الخليجية ومؤسسة " MSCI " لا بد وأن تتزامن لتحقيق الأغراض المرجوة من عملية انضمام أسواق المال الخليجية لمؤشر البورصات الناشئة في العالم والذي سيجد له أصداء إيجابية متى تمت عملية الانضمام بالجهود المشتركة للمؤسسة العالمية وإدارات أسواق المال الخليجية.