15 سبتمبر 2025

تسجيل

استخدام التعليم كملف للتسويق

16 مايو 2022

كلنا تلقينا اتصالا هاتفيا – واحدا على الأقل - من مندوبي تسويق لشركات محلية أو خارجية. يعرضون أثناء تلك الاتصالات خدمات أو بضائع عليها خصومات مغرية أو تسهيلات في الدفع. هل تساءلت مرة لماذا تلجأ تلك الشركات لمثل هذا السلوك؟ وما هي القاعدة العلمية التي يعتمدون عليها؟ وهل تتوقعون أنهم يربحون أو أن معدلات المبيعات لديهم تزداد؟ أحيانا كل ما تحتاجه هو كلمة تسويقية من فم أحد الزبائن أو ما يسمى (word of mouth). فعندما يمتدح هذا الشخص البضاعة أمام أصدقائه وأقربائه، فإن هذا نوع من الترويج المجاني يجلب عملاء وزبائن جدد من دون قصد. هؤلاء الأصدقاء في المجلس أو الأقارب في البيت ليسوا على مستوى تعليمي واحد، بل انهم مختلفو التخصصات والخبرات ومتباينون في مستوى ثقافتهم العامة. هنا. تفشل جميع الخطط التسويقية التي تقوم على اختيار مجموعة مقصودة من المشترين، ولم يعد مستوى التعليم هو أحد تلك الضوابط !! عندما يبيع التاجر المتجول بضاعته البسيطة في سيارته أو على الرصيف أو يزور المجالس الرجالية، هو في هذه الحالة لا يعمل فلترة لمستويات الحضور، بل انه يتجاهل مستواهم التعليمي فيخاطب الوزير الموجود في المجلس مثلما يخاطب الشخص العادي والذي يمكن أن يكون هذا الشخص عاطلا عن العمل بسبب أميته أو لم يكمل تعليمه أصلا. وعندما تنشط وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الالكترونية المختلفة في عرض منتجاتها، هي تركز فقط على المكان الجغرافي الذي يمكن معه أن تنتقل البضاعة من التاجر الى المستهلك، ولا يضعون أي قيمة لمستوى التعليم الذي يمكن أن يكون فيه هذا الزبون أو ذاك. إلا أن هناك طرقا تسويقية محددة ومقصودة تقوم على اختيار فئة تعليمية، هنا يتم استخدام بريد الكتروني معين لمجموعة أطباء مثلا عندما يريد التاجر أن يسوق معدات طبية أو أدوية. وتاجر آخر يختار ايميلات المعلمين عندما يريد أن يسوق مواد تعليمية. وهكذا. كثير منا لديه مواد مستعملة لا يحتاجها ويريد التخلص منها عن طريق التبرع بها أو إعادة تدويرها أو رميها أو حتى بيعها. وتوجد أسواق لهذا النوع من المواد. الا أن ثقافة المستعمل أمر نسبي بين المجتمعات. مثلا، في الوقت الذي يكلف طبق من الحلويات 100 ريال في دول المغرب العربي وبعض دول الشام، نجد أن نفس الطبق يكلف 1000 ريال في بعض الدول الخليجية لأنهم يضطرون لشراء آنية جديدة لتلك الحلويات. وقس على ذلك الأمور الاستهلاكية الأخرى كالسيارات والملابس. إن بناء ثقافة استهلاكية نيرة يحتاج إلى تكاتف مجتمعي يقف صفا الى صف ضد جشع التجار الذين يستخدمون ملف التعليم للتسويق. القطاع التعليمي عليه دور كبير في بناء تلك الثقافة ؛ فالمناهج المدرسية والأنشطة الصفية واللاصفية تعمل على توجيه بوصلة تفكير الطلاب نحو وعي استهلاكي شامل يقوم على الفخر بإعادة التدوير والاعتزاز بالاستهلاك العادل، وكذلك الأسرة واجبها تغذية الأبناء بقيم الانفاق والاستهلاك والتوفير. ولا يقف الوضع عند هذا الحد بل ان الاعلام الرسمي دوره حيوي أيضا في التوجه نحو صناعة أجيال منتجة وليست مستهلكة فقط. المادة الإعلامية نفسها، وكفاءة المذيع، والإخراج النهائي كلها عوامل أساسية في صياغة منظومة إعلامية للحد من تلاعب المسوقين عبر الانترنت، أو جشع التجار. من الأمور المضحكة أنني ذهبت للخياط قبل أسبوع من بداية شهر رمضان المبارك، وانتبه الأخ الذي كان يأخذ المقاس أن الثوب الذي أرتديه قد قام هو بخياطته شهر ديسمبر الماضي. فقال لي مستنكرا: هذا الثوب من العام الماضي ولا زلت تلبسه ؟ بصراحة ما رديت عليه. ابتسمت فقط. إنه ايحاء سلبي تلقيته من مسوق بسيط كي يدفعني إلى تفصيل أثواب كثيرة في فترات زمنية متقاربة. كم شهر بين ديسمبر 2021 وبداية رمضان هذا العام؟!! فعلا إنه التسويق الخفي الذي لا يستخدم ملف التعليم كمؤشر. آخر المطاف: في عالم تزداد فيه تكلفة اكتساب المستهلك (الزبون) مع مرور كل ساعة، نجد هذا التزايد الملحوظ للحملات الترويجية أو للمسوقين أنفسهم. سمعت مقطعا صوتيا لأخ من جنسية عربية اتصل برجل كبير في السن ضعيف السمع يعرض عليه المشاركة معهم في سوق الأوراق المالية عبر شركة وسيطة. ولا أريد أن أحدثك عن كمية الضحك التي يمكن أن تضحكها من تلك المحاورة التي قال في نهايتها: شنوووو زيتون ؟؟ رد عليه: آه زيتون. همسة: الوفاء غالي جدا فلا تتوقعه من رخيص. دمتم بود [email protected]