15 سبتمبر 2025
تسجيلمن الشكاوى والحجج التي يأتي بها بعض الناس في رمضان ضيق الوقت والإرهاق البدني، وكأن رمضان مبرر لتكاسُلهم عن العمل وتخاذلهم في أداء واجباتهم الشخصية والمهنية بدعوى أنهم صائمون لله. وبتصرفهم هذا يُضيِّعون حوائجهم وحوائج الناس فلا يقضونها، ويُفوِّتون فرصًا على أنفسهم وعلى العباد لا يدركونها، ويهددون مصالحهم ومصالح الآخرين. فهؤلاء في خطر كبير ربما يُضيِّع صنيعُهم هذا أجر صومهم فهم يطيعون الله بالصيام من جهة، ويَعصُونه بالكسل والخمول وتعطيل مصالح الناس من جهة أخرى، متناسين أن العمل كالصوم من جملة المأمورات التي أمرنا بها الشرع؛ ففي قوله تعالى: {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ}، وقوله صلى الله عليه وسلم عندما شاهد يد رجل تظهر عليها آثار العمل: (هذه يدٌ يُحِبها اللهُ ورسولُه). فدين الإسلام دين عظيم يحمل في تشريعاته كل معاني الرحمة والرأفة باتباعه، وكذلك هو دين الشمولية فقد قرَن بشكل واضح بين الإيمان والعمل ولم يُفَرِّق بينهما، فالاجتهاد في العمل من علامات الإيمان والتقوى، والسعي في الرزق كالجهاد في سبيل الله سبحانه وتعالى، فكيف يكون مؤمنًا مَن يجتهد في الصيام بالامتناع عن الأكل والشرب وسائر المفطرات ويتكاسل في العمل فلا يخدم نفسه ولا أهله ولا الناس من حوله؟! وكيف يكون طائعًا مَن يمنع عن الجسد الأكل والشرب، ولا يمنع عن النفس الكسل في العمل والتراخي في قضاء حوائج نفسه والآخرين من حوله؟!. صحيح أن طاقة المسلم تقل بسبب الصيام في رمضان خاصة في فصل الصيف وطول النهار، وصحيح أن الجسد يَضعُف بسبب الإمساك عن المفطرات، لكن المسلم الحق لا يَحول بينه وبين واجباته الدينية إرهاق ولا تعب، ولا يقف أمام التزاماته الدنيوية جوع ولا عطش، فالصبر زادُه في كل الظروف والأحوال، والهِمَّة شعاره مهما كثرت عليه الأشغال. ولْيحرص على طلب الأسباب التي تُعينه على الاحتفاظ بأكبر قدر ممكن من الطاقة، وتُجَنِّبه الحدَّ الأدنى من التعب والإرهاق. ومن ذلك تأخير وجبة السحور إلى ما قبل الفجر بقليل، والإكثار من شرب السوائل خلال الليل، وتناول الأطعمة الصحية الغنية بالفيتامينات ونحوها، والابتعاد عن النشاطات البدنية غير الضرورية، والأهم من كل هذه الأمور هو التزود بالصبر واحتساب الأجر على الله ليستمتع الصائم برمضان فلا يشعر أنه ثقيل ومتعب ومرهق. فيجب على كل مسلم الاستمتاع بروحانيات الصيام حتى تسمو أرواحنا عن الأمور المادية الدنيوية، فسمو الروح يُنسي الجسد ألم الجوع والعطش ومشقة الصيام مع العمل. اللهم أعِنَّا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك والقيام بطاعتك على الوجه الذي يُرضيك عنا.