17 سبتمبر 2025

تسجيل

معارضات البارودي (2-4)

16 مايو 2015

* ما زلنا نغوص في لآلئ محمود سامي البارودي في فن المعارضات عند الشعراء.. وهذه قصيدة للشاعر المتنبي نظمها في مدح كافور الأخشيدي: أوَدُّ مِنَ الأيّامِ مَا لا تَوَدُّهُوَأشكُو إلَيهَا بَيْنَنَا وَهْيَ جُنْدُهُيُباعِدْنَ حِبّاً يَجْتَمِعْنَ ووصلُهفكَيفَ بحِبٍّ يَجْتَمِعنَ وَصَدُّهُأبَى خُلُقُ الدّنْيَا حَبِيباً تُديمُهُفَمَا طَلَبي مِنهَا حَبيباً تَرُدّهُ؟وَأسْرَعُ مَفْعُولٍ فَعَلْتَ تَغَيُّراًتَكَلُّفُ شيءٍ في طِباعِكَ ضِدّهُرَعَى الله عِيساً فَارَقَتْنَا وَفَوْقَهَامَهاً كُلها يُولَى بجَفْنَيْهِ خَدُّهُبوَادٍ بِهِ مَا بالقُلُوبِ كَأنّهُوَقَدْ رَحَلُوا جِيدٌ تَنَاثَرَ عِقدُهُإذا سَارَتِ الأحداجُ فَوْقَ نَبَاتِهِتَفَاوَحَ مِسكُ الغانِياتِ وَرَنْدُهُ * فجاء البارودي وعارض تلك القصيدة قائلاً:رضيتُ منَ الدنيا بما لا أودُّهُوَأَيُّ امْرِىء ٍ يَقْوَى عَلى الدَّهْر زَنْدُهُ؟أُحاوِلُ وَصْلاً والصُّدُودُ خَصِيمُهُوَأَبْغِي وَفَاءً والطَّبِيعة ُضِدُّهُحسبتُ الهوى سهلاً، ولم أدرِ أنّه أَخُو غَدَرَاتٍ يَتْبَعُ الْهَزْلَ جِدُّهُتخفُّ له الأحلامُ وهى رزينةٌويعنو له من كلِّ صعبٍ أشدهُومن عجبٍ أنَّ الفتى وهو عاقلٌيطيعُ الهوى فيما ينافيه رشدَهُيفرُّ منَ السلوانِ، وهو يريحهُويأوي إلى الأشجانِ، وهى تكدُّهُوما الحب إلا حاكمٌ غيرُ عادلٍإِذا رامَ أَمْرأً لم يَجِدْ مَنْ يَصُدُّهُلَهُ مِنْ لَفِيفِ الْغِيدِ جَيْشُ مَلاَحَةٍتغيرُ على مثوى الضمائرِ جندهُذوابله قاماتهُ، وسيوفهُلِحَاظُ الْعَذَارَى، والْقَلاَئِدُ سَرْدُهُإذا ماج بالهِيفِ الحسانِ، تأرجتمسالكهُ، واشتقَّ فى الجو نَدُّهُفَأَيُّ فُؤادٍ لا تَذُوبُ حَصاتُهُغراماً، وطرفٍ ليسَ يقذيهِ سهدهُ؟بَلَوْتُ الْهَوَى حَتَّى اعْتَرَفْتُ بِكُلِّ مَا جَهِلْتُ، فَلا يَغْرُرْكَ فالصَّابُ شَهْدُهُظَلُومٌ لَهُ في كُلِّ حَيٍّ جَرِيرَة ٌيضجُّ لها غورُ الفضاءِ ونجدهُإِذَا احْتَلَّ قَلْباً مُطْمَئِنًّا تَحَرَّكَتْوَسَاوِسُهُ في الصَّدْرِ، واخْتَلَّ وَكْدُهُفإن كنتَ ذا لبٍّ فلا تقربنَّهفَغَيرُ بعيدٍ أَنْ يَصِيبَكَ حَدُّهُوقد كُنْتُ أولى بالنَّصيحةِ لو صغا فؤادى، ولكن خالفَ الحزمَ قَصْدُهُإذا لم يكنْ للمرءِ عقلٌ يقودهُ فَيُوشِكُ أَنْ يَلْقَى حُسَاماً يَقُدُّهُلعمرى لقدْ ولَّى الشبابُ، وحلَّ بىمنَ الشيبِ خطبٌ لا يطاقُ مردُّهُفَأَيُّ نَعِيمٍ في الزَّمانِ أَرُومُهُ؟وأيُّ خليلٍ للوفاءِ أُعدُّهُ؟وكيفَ ألومُ النَاسَ في الغدرِ بعدما رأيتُ شبابى قدْ تغيَّرَعهده؟ وسلامتكم...