13 سبتمبر 2025

تسجيل

إيران التي تشتعل ذاتيا

16 مايو 2015

ليس بالضرورة أن ننظر إلى المظاهرات والاحتجاجات التي ضربت الشمال الغربي من إيران في مدينة مهاباد، ذات الغالبية الكردية، عقب انتحار فتاة برمي نفسها من الطابق الرابع لفندق تعمل به، بعد أن حاول ضابط اغتصابها، على أنها فرصة مثالية لاختراقها، إذ إنه في الواقع حريق بدأ ذاتيا ويمكن أن نكتفي بالتفرج على آلة القمع الأمنية كيف تتعامل مع المتظاهرين، لتنتج طوفان الثورة.الشرارة بدأت بمحاولة مسؤول أمني اغتصاب الفتاة فرناز خسرواني، وهي موظفة استقبال في الفندق، فألقت بنفسها من أعلى البناية، فتوفيت في الحال، واندلعت احتجاجات واسعة، أدت لحرق الفندق الذي كانت تعمل به، كما وقعت اشتباكات بين المتظاهرين وقوات الأمن الإيرانية، وطالب المحتجون بمحاسبة المسؤول عن موت خسرواني.كل الثورات تبدأ صغيرة لأسباب تراكمية وتنتهي إلى زوال السلطة مهما مارست الطغيان، وذلك هو الطريق الذي يتوقع أن تمر عبره الدولة الإيرانية وهي تزيد صب الزيت في النار، فهناك مظالم كثيرة للقوميات الإيرانية تشمل حتى الشيعة الذين يقبعون في أتون النار والمعتقلات والفقر والبؤس، فليست إيران بالدولة المثالية ولكنها مشتتة وتتعرض لكثير من الانهيارات خاصة إذا ما نظرنا تدخلاتها السافرة في الشؤون الداخلية لغيرها.في الواقع إيران خطر حقيقي على مستقبل وحاضر المنطقة ومهدد فاعل للأمن والسلم الدوليين، ويمكننا أن نضيف إلى ذلك السجل السلبي والسيئ للغاية لحقوق الإنسان فيها، فهي في واد ومبادئ حقوق الإنسان في واد آخر، وكأنهما قطبا مغناطيس لا يلتقيان مطلقا، ولذلك يمكن القول إن قادة إيران الآن يبدأون الانشغال بحريقهم الداخلي بدلا من التفكير العدائي لإشعال الحروب والحرائق عند جيرانهم.في تونس كان حرق مزارع بسيط لنفسه احتجاجا على الاستبداد والفقر كافيا لإشعال نار الثورة في كامل بلاده، والآن مع السلوكيات غير الأخلاقية لمسؤولي الدولة الإيرانية وانتحار الفتيات هربا من العار يبدأ ذلك العار الإنساني والأخلاقي يلاحق منظومة الحكم بأسرها ويكشف عورتها ويعريها من أي غطاء شرعي، ديني أو سياسي، لأن هناك دولة استبدادية وظالمة بدأت تحصد غرسها السيئ، فالمكر السيئ يحيق بأهله وذلك ما جنته أيادي إيران على نفسها، ومن الأفضل والخير للجميع أن تنشغل إيران بنفسها حتى يستعيد الإيرانيون حقوقهم المستلبة منذ الثورة الإسلامية المزعومة.