17 سبتمبر 2025

تسجيل

معروف رفيق في ذكرى غيابه..

16 مايو 2013

في التاسع من مايو الجاري تطل علينا الذكرى الثامنة لغياب الشاعر المبدع القدير معروف رفيق عن أحبابه وعن متذوقي الشعر العربي الأصيل، ونظرا لأنه ينتمي لعائلة عاشقة للأدب والثقافة، فإن ابنه البار المهندس مروان معروف رفيق قد أعد العدة لإصدار الأعمال الشعرية الكاملة لوالده الذي كان يتمنى أن يصدرها بنفسه خلال حياته، لكن الأمنية لم تتحقق وقتها، وأصبح واجبا على عائلته أن تهتم بإصدارها، لتتواكب مع أجواء ذكرى غيابه عن أحبابه. تضم الأعمال الشعرية الكاملة سبعة دواوين هي:القدس قصيدتي- علمني كيف أحبك- أشعار للفتيان والفتيات- قطر على شفة الوتر- فلسطين الجرح والطريق- صرخة مسلم على مشارف القرن الخامس عشر الهجري- ابتهالات، وفيها مجتمعة يتأكد لنا أن العروبة والإسلام يتناغمان ويتكاملان في أعماق مبدعها القدير، كما تتراءى أمام قارئها عذابات فلسطين، وتتجلى كذلك طموحات دولة قطر، وفي أجواء ذكرى غياب هذا الصديق الجميل، أحاول الآن أن أستعيد ملامح اللقاء الأول بيننا في الدوحة. كنا – معروف رفيق وأنا- صديقين حميمين، منذ أن تلاقينا للمرة الأولى ذات يوم من أيام شهر يونيو سنة 1979حيث استضافني هذا الشاعر المبدع القدير في برنامجه الشهير: الزورق الذي كان يقدمه في إذاعة قطر، ورغم أننا لم نكن نركب أحد الزوارق في نهر من الأنهار أو في بحر من بحور العالم، فإني أوهمت المستمعين بأني في زورق حقيقي بالفعل، وأن أوراق قصائدي تتطاير في الهواء نتيجة لهبوب عاصفة من حولنا، ولم يشأ معروف رفيق- من جانبه- أن يكذب ما قلته وقتها، وبعد اختتام حلقة البرنامج فوجئت به يضحك ضحكة عالية، وقال لي وهو مستغرق في الضحك: لقد كدت أصدق أننا نتنزه في زورق، مثلما كان الشاعر الرومانسي علي محمود طه يركب الجندول في مدينة البندقية الإيطالية، وهو يقول ما غناه بعد ذلك محمد عبدالوهاب:  أين من عينيّ هاتيك المجالي  يا عروسَ البحر يا حلمَ الخيالِ من هذا المنطلق، ظل معروف رفيق يتعامل معي باعتباري إنسانا محبا للدعابة التي يمتزج الجد فيها أحيانا بالهزل، وبعد موقعة الزورق أخذ يحدثني عن أصدقائه الآخرين، مؤكداً أنهم جميعا جادون، ولا يضحكون إلا بحساب، خصوصا أن فيهم من هم علماء دين ومن هم معلمون يتسمون بالوقار والرزانة! وحول هذه النقطة بالذات، فإني اكتشفت- ولكن فيما بعد- أن معروف رفيق كان يحب الدعابة، لكنه لا يعلن عنها في جلساته مع أصدقائه، أو في الأمسيات الشعرية التي كان يشارك فيها مشاركة إيجابية متحمسة، وإنما فيما يكتبه من قصائد فكاهية وخفيفة الظل، وهي قصائد تستدعيها مناسبات أو مفارقات اجتماعية. حين أتذكر موقعة الزورق الآن بعد انقضاء سنوات عديدة على نشوبها، أقول- بكل اعتزاز- إن جسور الصداقة الصادقة ظلت وطيدة وراسخة، لكن هذا لا يعني أن معروف رفيق كان يعرف كل عوالمي المتنوعة بصورة دقيقة، كما أن هذا لا يعني أني كنت أعرف كل عوالمه المتعددة، فلكل إنسان أعماق قد يكشف عن بعضها أحيانا، وقد يكتشفها الآخرون، خصوصا إذا كانوا من محبي الاستطلاع أو كانوا من الفضوليين، ولم يكن معروف رفيق ولا أنا من هؤلاء الفضوليين الذين يحشرون أنوفهم في كل كبيرة وصغيرة. هكذا كان لقائي الأول مع هذا الصديق الجميل ستة 1979 وكنت وقتها ضيفا جديدا وافدا للعمل في قطر، ولكن ماذا عن صداقاته وعلاقاته الإنسانية مع شعراء قطر وأدبائها وفنانيها ونقادها الذين بادلوه حبا بحب؟ هذا ما سأتحدث عنه في الأسبوع المقبل إن شاء الله، فإلى لقاء متجدد.