12 سبتمبر 2025
تسجيلمن المؤسف أن يكون هناك اختلاف عجيب وتناقض غريب مابين اهتمامات وأولويات وتوجهات دول الخليج العربي "المتشاركة مع بعضها في الدين واللغة والكثير من القواسم والعوامل المشتركة" وبين توجهات الدول المحيطة بها من أعدائها في الخارج كإيران وأمريكا وإسرائيل وغيرهم آخرون. فبينما تهتم دول الخليج العربي - منذ استقلالها وخلاصها من الاحتلال الأجنبي فوق أراضيها وحتى وقتنا الراهن - بعقد الصفقات تلو الصفقات لشراء الأسلحة من نفس الدول التي كانت تحتلها في السابق أو من الدول الغربية بشكل عام والمعادية للإسلام والمسلمين بشكل لا يخفى على تلك الحكومات التي تدرك ذلك جيداً ولكنها لا تزال تعتمد على "عدوّها" في شراء أسلحتها وتجهيز جيوشها وتدريب جنودها كذلك.. بينما نجد الجانب الإيراني مثلاً يعتمد على نفسه غالباً في تصنيع أسلحته الثقيلة وصواريخه الطويلة المدى ناهيك عن مفاعلاته النووية وما خفي منها.. مستعيناً في ذلك بحلفائه من الروس والصينيين والهنود من الشيوعيين والبوذيين وغيرهم من أوليائه الملحدين والمشركين، فنجد أن إيران تمشي بصورة مختلفة ومعاكسة لاهتمامات وأولويات دول الخليج العربي في المجال العسكري فهي تتسلّح وتتحصّن لا من أجل شراء ما كسد أو فسد من أسلحة لدى حلفائها أو من أجل "سواد أو زرقة عيونهم" كما تفعل بعض دول الخليج بل تفعل ذلك من أجل تعزيز قوّتها الهجومية والدفاعية ومن أجل الاستعداد لأعدائها من أهل السنة الذين بدأت فعلاً في تصفيتهم وإبادتهم في إيران والعراق ولبنان وسوريا وفي كل مكان يستولون ويسيطرون عليه من أرض العالم العربي والإسلامي. وبينما تهتم بعض دول الخليج العربي بالمشي في نفق تقليد الغرب "شبراً بشبر وذراعاً بذراع" من خلال اهتمامها بتحرر المرأة تحت مسميات ضالّة وكاذبة مثل "مساواة المرأة بالرجل" وغيرها من المطالب التي يراد من ورائها خروج المرأة من بيتها وهجرها له وانسلاخها من حيائها وابتعادها عنه.. في مقابل ذلك نجد الفرس الإيرانيين قد ازدادوا تمسكاً بعقيدتهم رغم ضلالها وبحشمة نسائهم رغم شكليتها ومظهرها الفارغ.. ذلك لأنهم أهانوها بزواج المتعة وبفتاواهم الإبإحية لكل ما حرّم الله من سلوكيات منحرفة أو تصرفات قذرة. وبينما تهتم دول الخليج العربي في زيادة استثماراتها الخارجية وتنمية ثرواتها بشراء الأسهم والأراضي الإستراتيجية والحيوية والاستحواذ على حصص الشركات العالمية وغيرها من الصفقات المربحة نجد أن الجانب الإيراني يقوم بزيادة استثماراته وضخّه للأموال لدعم وتصدير الثورة في بلاد العالم الإسلامي وفي العالم بأسره من أجل نشر تلك الضلالات العقائدية والانحرافات الأخلاقية من خلال تلك الأموال الضخمة التي تؤخذ من ميزانية إيران سنوياً لبناء "الحسينيات" وتغيير عقيدة المؤمنين الموحّدين وإغراء الفقراء والمساكين بالأموال وتجنيد الجنود وتكوين الخلايا الإرهابية والأحزاب الطائفية الحاقدة والمعادية للإسلام والمسلمين كحزب الله اللبناني الإيراني وجيش المهدي العراقي الإيراني وغيرها بالإضافة إلى نشر الكتب والمراكز الثقافية الإيرانية في أنحاء العالم لتحقيق نفس الهدف والغاية. ولا نعيب على بعض دول الخليج أنها تستثمر ما فاض من ميزانياتها الضخمة وأموالها الهائلة طالما كان الهدف من ذلك مضاعفة الإيرادات وتنوع مصادر الدخل "فيما يوافق الشرع طبعاً لا من خلال الربا وما حرّم الله تعالى" ولكن العيب يكمن في عدم وجود أهداف ومبادئ ذات غايات نبيلة تؤطر ذلك كخدمة ودعم الاستثمارات في الدول الإسلامية وتشجيع الصناعة والتجارة والسياحة فيها حتى لا تذهب "أموالنا بيد أعدائنا" ولكن ما يحدث في الغالب أن تلك الأموال تنصب في خدمة الغرب بشكل عام وأمريكا بشكل خاص. بل إننا حتى في حال حدوث الكوارث والمآسي كالزلازل والفيضانات أو الهزات الاقتصادية والأزمات المالية نجد أن بعض دول الخليج العربي تدعم أعدائها وتغدق عليهم من المعونات والمساعدات بشكل مبالغ فيه إرضاءً لهم وتقرّباً منهم بينما نجد أن الجانب الإيراني يدعم أتباعه ومواليه في الخارج في أزماتهم ومشاكلهم كما حدث في أحداث البحرين ويحدث الآن في سوريا على سبيل المثال، فهم يدركون أن أموالهم يجب أن تصب في مصلحتهم وفي جيوب أفرادهم وأتباعهم أو فيما يحقق لهم المزيد من الانتشار والسيطرة. ولهذا يتضح لنا جلياً أن "العرب" في دول الخليج يفكرون بشكل مغاير عن الإيرانيين وأن ما بينهما من اختلاف في الاهتمامات والأولويات يميل بكفة "إيران" على كفة "العرب" ويرجح التسمية "المزعومة" بالخليج الفارسي على الخليج العربي، ومن المؤسف أننا نجد أن جزءاً من صفات العرب التي كانوا يتصفون بها كالشجاعة والمروءة والشهامة والكرم قد تلاشت واتجهت إلى غير وجهتها فأصبحت شجاعتهم وبطولتهم ضد شعوبهم وفيما بينهم بينما سلم منهم أعداؤهم الذين استحوذوا على كرمهم وجودهم وسخائهم بأموالهم وحسن ضيافتهم في الداخل والخارج.