11 سبتمبر 2025

تسجيل

مؤتمر (عشر سنوات على احتلال العراق ) ماله وما عليه

16 أبريل 2013

بين 10 و11 من أبريل الجاري انعقد المؤتمر أعلاه في الدوحة على مدى يومين وكان نظمه المركز العربي للبحوث ودراسات السياسة، وشارك فيه نخبة طيبة من شخصيات عربية وعراقية وعالمية معروفة من جنسيات مختلفة من الباحثين والناشطين السياسيين المعنيين أو المتابعين للشأن العراقي، وقدمت فيه العديد من البحوث المهمة التي حظيت بنقاشات مفيدة. لاشك كان المؤتمر ناجحا، ومرد هذا النجاح إيجابيات كثيرة ولا تقتصر على مستوى الشخصيات التي شاركت في المؤتمر بل أيضاً لتعدد وتنوع المواضيع التي تناولتها البحوث، وتراوحت بين السياسة والاقتصاد والاجتماع والحرب والقانون والقضاء وحقوق الإنسان والمقاومة.. طيف واسع من مواضع هامة ذات صلة لكنها في المحصلة النهائية غطت ثلاث مراحل، الأولى وتعنى بالفترة الحرجة التي سبقت الغزو والجهود التي بذلت لتجنب الحرب، والثانية وانصرفت لتسليط الضوء على سيل المعارك التي أعقبت الغزو خلال الفترة مابين 19 مارس إلى 19 أبريل عام 2003، والثالثة وانصرفت للفترة التي أعقبت الغزو والحديث عن المقاومة والجهود التي فشلت في بناء نموذج الدولة البديلة وأخيرا مسح واقع العراق بعد عشر سنوات من الغزو، أي كيف يبدو المشهد العراقي بعد هذه السنوات. ومن بين المواضيع التي نوقشت باهتمام وحظيت بتركيز خاص هي ما يتعلق بكلفة الغزو ما ترك الانطباع دون شك أن الحرب لم تكن مبررة وأن أعباءها قدر تعلق الأمر بالأهداف المعلنة أو النتائج التي تمخض عنها كانت كارثية، حيث تجاوزت الخسائر أكثر التوقعات تشاؤما سواء ما يتعلق منها بالعراق أو بالغزاة، رغم أن حصة العراق كانت الأعظم والأفدح. خسائر الحروب عادة ما تعكسها أرقام خسائر مادية وبشرية لكنها في حالة الغزو على العراق تجاوزت ذلك إلى خسائر تتعلق بالسيادة والهوية والاجتماع والثقافة والسلوك، باختصار العراق بعد عشر سنوات من مغامرة غير محسوبة النتائج بات غير العراق الذي يعرفه الجميع على طول تاريخه الحديث. السؤال هل حصل ذلك بسبب أخطاء ارتكبتها الإدارة الأمريكية، في تصوري المتواضع كلا، إذا هل جاء ذلك لأن الصفوة من أحزاب شيعية هي التي تحكم، الجواب على ذلك كلا أيضاً، فقد شارك الشيعة دائماً في حكم العراق منذ تأسيسه عام 1921، لكن الذي اختلف بالنسبة للعراقيين هذه المرة طريقة الحكم وليس انتماء الحاكمين. من جانب آخر، كنت أتمنى أن المؤتمر أخذ بالاعتبار بعض الملاحظات التي أجدها هامة وضرورية، وكان يمكن أن تحقق فوائد إضافية، الأولى كنت أتمنى أن يستدعى للمشاركة في البحوث من عاصر التجربة وشارك بنفسه فيها أي في عراق ما بعد الغزو، في السياسة والمقاومة والقضاء والقوات المسلحة.. هؤلاء شهود حقيقيون على تجربة فريدة عاشوها واقعا ولم يقرؤوها في كتاب أو يطلعوا عليها من وسائل إعلام. قد يبرر البعض أن التجربة محل خلاف وقد يواجه المنظمون معضلة في الاتفاق على الشخصيات أو نوع البحوث وهذا صحيح لكن هذه التفاصيل شكلية وكان بالإمكان تداركها بطريقة أو بأخرى ولا تبرر حرمان مؤتمر هام من خزين معلومات حقيقية كان يمكن أن تثري المؤتمر، بدل أن تبقى حبيسة الصدور. الملاحظة الثانية، سلطت البحوث على وضع العراق في فترات ما قبل وخلال وبعد الغزو، وانتهى المؤتمر إلى أن الغزو لم يكن مبرر وأن كلفته على الشعب العراقي كانت كارثية بكل المقاييس، إذا كانت هذه خلاصة المؤتمر إذًا مالضير في أن ينتهي المؤتمر إلى ما يشبه إصدار بيان ختامي أو خلاصة أو تقرير تحليلي يلخص فيه نتائج بحوث اليومين الماضيين؟، أنا انظر للمؤتمر ليس حدثا منعزلا أو كأنه طلقة في الظلام وإنما هو نشاط واع ومقصود له ما بعده، من جانب يستهدف لفت انتباه العالم لعظم الفاجعة التي حلت بالعراق ومن جانب آخر يناشد المجتمع الدولي الغوث والمناصرة، ولا أدري كيف يتحقق ذلك دون بيان أو تقرير ختامي سمه ما شئت! الملاحظة الأخيرة، هو الإجابة على السؤال المركزي وماذا بعد؟، خلص المؤتمر إلى الوضع المأساوي الذي بات عليه العراق بعد عشر سنوات، طيب وماذا بعد، كنت أتمنى أن يتضمن البيان أو التقرير الختامي إشارة للدعوة إلى مؤتمر لاحق يكمل هذا المؤتمر ونبحث فيه (العراق.. تحديات وحلول)، وإذا لم يحصل ذلك نكون كمن ترك نهايات سائبة لقضايا مصيرية دون شد أو ربط! هذه الملاحظات في جميع الأحوال لا تلغي ولا تؤثر على حقيقة كون المؤتمر من أنجح المؤتمرات ولذلك لا أتردد في القول إن القائمين عليه (المركز العربي...) يستحقون كل الثناء والتقدير، كما أن الشكر موصول للدولة المضيفة قطر الشقيقة أميرا وحكومة وشعبا الدولة التي كانت دائما السباقة في الوقوف مع شعب العراق في السراء والضراء، فلها مني ونيابة عن شعبي خالص الدعاء.