11 سبتمبر 2025

تسجيل

سندمشق الكون

16 فبراير 2013

كيف يأتي الشتاء وأنت لست معه؟! فرشتُ سجاد البيت ورتبت الزوايا وغسلت النوافذ للمطر يقرع على نظيف قلبي وسمعي، يُوقظُ بلور إحساس شفيف.. لماذا لم تأتِ معه؟ مشيتُ على بخور أدراجي لأرتفع اليك، وأدخل في الكواليس الخفيّه، أفتح رتاج العمر لك، لماذا لم تأتِ معه؟! دفأتُ قلبي بمخمل كلماتك، قشّرتُ كستناء الكتب، كسرتُ جوز الهند وبياض قلبي، وانتظرت أنا وجوالي طويلاً. رنّتْ أجراس الغيوم جميعها، وسقطتْ شوارع المدن بأحلام يقظتها، وطارت كل إشارات الاستفهام والتعجب المهاجرة إلى دفء وجهتها، أمّا أناملي فدفنت رؤوسها برمل التشاغل كي تفرغ للسلام عليك. ولمّا تأتِ بعد. كم يلزمك للدخول في حقل القمح الممغنط، والخروج من سلب المطاحن؟؟ هاتِ كيس طحينك والحقني، سنجرّ الزمن من أذنيه الى أيام خيراته وإلى مَعَاصِر ما هرَّ من حروف سوداء وخضراء على بساط اختلافاتنا. سيكون عندنا زيت وفير نُضيء به سواد قلوبهم وحقد عجرفتهم. تدري؟.. احتفظت لك بزبيب الشعر وتين النثر المجفف ولوز ضحكاتنا، أخجل أن أحبك علانية في هذا الخراب الشاسع وحرب بسوس الكون عندنا، أشعر كمن يُهرِّبُ تُحَف بلاده الى أماكن لا تليق بها، ومتاحف تحتاج إلى إثبات حضارتها .. أشعر كمن يُتاجر برقيق الصمت، وأطفال العنب وتوت الشام وتعب جدتي. أخجل أن أحبّك علانية، أحتفظ بهواك داخل إيقونة قلبي كطفلة تُخبّئ أطيب ما لديها إلى ساعة الإفطار. أخاف من أنثاي تؤنبني على وقت ليس للأحاسيس النبيلة. أخاف من قسوتها على كبت النادر والجميل في حصّالة الزمن. تعال سريعاً سندمشق الكون... تدري؟! تعال نقتسم الفراق، خذ منه المحطات، ومقاعد المطارات، ورنين الجوالات، واترك لي الصبر والشوق واللاوصول وحمّى الانتظار.. قد لا أذوب، وما عليّ؟ وما يكون؟ هلاّ أُحمّلكَ الأسى؟ أمّا وقلبي شاعرٌ... فالشعر يحتمل الجنون.