16 سبتمبر 2025
تسجيليتساءل البعض: ما سر الصمت الأمريكي حيال محاولات جبهة "الإنقاذ الوطني" إسقاط حكم الرئيس محمد مرسي؟ لماذا لا يكرر الرئيس الأمريكي موقفه مع الرئيس المخلوع حسني مبارك حينما دعاه إلى التنحي استجابة لمطالب المتظاهرين خلال ثورة 25 يناير 2011، بمطالبة الرئيس مرسي بالتنحي استجابة لمطالب المتظاهرين في ذكرى الثورة 2013؟ وكيف نفهم التناقض الحاصل بين تصريحات بعض المسؤولين الأمريكيين بسعي الولايات المتحدة لإضعاف الرئيس مرسي بعد موقفه من حرب غزة 2012، وبين تصريحات المتحدث باسم البيت الأبيض الداعي كل القوى السياسية لنبذ العنف والجلوس لطاولة الحوار بما يعني تأييد موقف الرئيس مرسي في مواجهة مطالب جبهة "الإنقاذ"؟ الحقيقة أن الولايات المتحدة لا تدخر جهدا في توفير الدعم غير المباشر لجبهة "الإنقاذ" من أجل استمرار مخططها لإسقاط الرئيس مرسي. ويأتي في إطار هذا الدعم اللقاءات المتواصلة بين قادة الجبهة وبين السفيرة الأمريكية في القاهرة. والتي قال عنها أحد مسؤولي حزب المصريين الأحرار المنضوي تحت هذه الجبهة: "إن السفيرة الأمريكية وبختنا في آخر لقاء لأننا لم نستطع حشد الناس بالعدد الكافي لإسقاط الرئيس مرسي". لكن هذا لا يعني أن الإدارة الأمريكية تريد بالفعل إسقاط حكم الرئيس مرسي، لأنها تعلم جيدا أن النتائج المترتبة على ذلك ستكون كارثية على مصالحها، في مصر ومنطقة الشرق الأوسط كلها. فإسقاط الرئيس مرسي يعني دخول التيار الإسلامي إلى دائرة العنف بعد أن وجد أنه الوسيلة الوحيدة للوصول للسلطة، وسيسعى إلى السيطرة على البلاد من خلال إعلان ثورة إسلامية تقضي على وجود التيار العلماني في البلاد أو على رموزه في أقل تقدير، وحينها ستسيل أنهار من الدماء. النتيجة الأولى التي ستترتب على ذلك هي تهديد مباشر لأمن إسرائيل، لأن سيطرة الإسلاميين على مصر بهذه الطريقة سيسمح بظهور التيار المتشدد داخل التيار وارتفاع الأصوات المنادية بالجهاد ضد تل أبيب. كذلك ستكون منطقة الشرق الأوسط بأكملها تحت التهديد الأمني المباشر لأن التطورات في مصر ستصيب المنطقة، وهو ما يعني تهديد مصادر إنتاج وتصدير النفط الذي يعد عصب الحضارة الغربية. قادة جبهة "الإنقاذ" الذين يستخدمون كوقود لحماية مصالح الغرب من خلال العمل على إضعاف الرئيس مرسي، لا يتعلمون من أحداث الماضي الذي ما زال قريبا. فالولايات المتحدة ستتخلى عنهم كما تخلت عن الرئيس المخلوع الذي كان يمثل لها ولإسرائيل كنزا إستراتيجيا، حينما أدركت أن مصالحها في خطر. وهذا ما تفعله واشنطن هذه الأيام، فحينما أدركت أن تطورات الأحداث في مصر اقتربت من الخطوط الحمراء التي تتعلق بمسألة استقرار البلاد وما سيترتب عليها، خرج المتحدث باسم البيت الأبيض جاني كارني ليدين العنف الذي يجتاح الشارع المصري والذي تقوم به جبهة "الإنقاذ"، قائلا: "الإدارة الأمريكية تناشد القيادات المصرية أن تؤكد بوضوح أن: العنف غير مقبول". وليطالب جميع القوى السياسية بالجلوس إلى طاولة الحوار، مشيراً إلى أن "الولايات المتحدة ترحب بدعوة الحوار الوطني في مصر وتناشد جميع المصريين استخدام العملية الديمقراطية والتعبير عن أنفسهم بطريقة سلمية". وهو نفس المعنى الذي أكدت عليه فيكتوريا نولاند، المتحدثة باسم وزيرة الخارجية الأمريكية التي شددت على أنه "لا يوجد عذر للعنف، ومتى طرح الحوار الوطني يجب على الأقل أن تتم محاولة الانخراط فيه". من هنا يمكن التأكيد على أن جبهة "الإنقاذ" لم تستطع إسقاط الرئيس مرسي خلال الأيام الماضية رغم حالة العنف والفوضى التي نشرتها في البلاد، لأن القوى الداعمة للرئيس تمثل أغلبية الشارع ولديها القدرة على حمايته، كما أن القوى الخارجية ترفض إسقاط الرئيس وتريد فقط إضعافه حماية لمصالحها.