16 سبتمبر 2025
تسجيلالدور على من؟!.. لعل هذا هو السؤال الذي بات تقليدياً بعد سقوط نظام بن علي في تونس الخضراء في ثورة الياسمين المباركة ونظام مبارك في مصر المحروسة في ثورة الخامس والعشرين من يناير المجيدة والآن يتداول هذا الاستفهام الكبير الذي يعطي الأرجحية لليمن في إسقاط حكومته أو الجزائر التي تقوم بمحاولات جادة هي الأخرى لتغيير النظام كيف لا والشعب المصري قد أعطى دروساً مجانية وجبارة لأجل نيل (استقلاله من احتلال مبارك وأسرته لمدة تزيد على ثلاثين سنة) وحرك المياه الراكدة تحت أقدام الشعوب العربية لتتحرك وتستيقظ وتتصيد من أخطاء حكوماتها ما يمكن أن يقلب كراسي الحكم ويغدو عزيز أمس ذليل اليوم في لحظة كما جرى لمبارك العالق في (مشاجرات عائلية) يرمي كل فرد فيها الذنب على الآخر في الخاتمة المذلة التي وصل لها مبارك وقد بلغ من العمر عتياً وكان يود لو ترك السلطة وهناك من يذكره بخير عوضاً عن الدعاوى المهيبة التي طالته وأجبرته على التنحي مغصوباً والدمعة تفر من عينيه!.. الدور على من؟!.. نعود لهذا السؤال الذي باتت إجابته تظهر في عدة عواصم عربية مثل اليمن والجزائر بتظاهرات تأخذ من تجربتي تونس ومصر الناجحتين مثلاً أعلى للتغيير الذي يريدونه مستقبلاً لهم ولشعبهم ولكني أجد نفسي مضطرة لسؤال أكبر وهو هل أصبح تغيير الحكم بيد الشعوب أم الدستور وقانون الرئاسة وأنظمة الانتخابات وما الذي يجعل الأمر ناجحاً في تونس ومصر وقد يفشل في اليمن والجزائر؟!..هل باتت موضة؟!..هل كانت الشعوب نائمة واستيقظت؟!.. هل نحتاج لثلاثين سنة لنستوعب اننا كنا مغبونين ومظلومين وان الرئيس ينهب من قوت يومنا وعيالنا ما يجعلنا اليوم نهب وندحره خائباً يقتات تاريخاً أبيض له؟!.. هل كل ذلك يجب أن ندفع لأجله أرواحاً ونحرق الأجساد ليستيقظ الباقون ويحققوا ما كان حلماً فإذا هو اليوم واقع ملموس؟!..من علمنا فن الثورة اليوم؟!..لماذا احتاج الشعب المصري إلى كل هذه المدة ليقدم ثورة جديدة في الألفية الثالة وهو الخبير بالثورات ونفض الأنظمة كما يُنفض الغبار من الثياب؟!.. ولماذا يتحرك شعب اليمن الخبير هو الآخر بنظام الثورة وتبعاتها إلى (23) سنة هي المدة التي قضاها الرئيس علي عبدالله صالح رئيساً لكي يهتف بتغيير النظام ولا أعني هؤلاء الذين يتحركون عكس السير برغبة خبيثة هدفهم منها فصل الشمال عن الجنوب في تفرقة استعمارية ولكني أعني من يريدون التغيير لأجل تغيير واجهة البلاد الغارقة في الجهل والبطالة والفقر إلى تعليم وعمل ويسر المعيشة التي يفتقر لها أغلبية الشعب اليمني الذي يساهم هو الآخر بتأخر عجلة التطوير في قوامه بتخلفه عن بناء العقول بالتعليم واعتبار القات أغلى ما يمكن امتلاكه المواطن اليمني في حياته حتى وان كان ذلك على حساب قوته اليومي وهذه حقيقة ولا يمكن لأحد إنكارها رغم انه سينكر الكثيرون قيمة (القات) لديهم على حساب طعامهم ودوائهم؟!.. وأرجو ألا يظن أحد انني أدافع عن علي صالح فلا يوجد رئيس عربي يستحق أن ينال من الرضا الجماهيري والشعبي بعد كشف العورة التونسية والمصرية وإسقاط شعبيهما ورقة التوت عن بن علي ومبارك وكشف حقيقتهما التي لن تعد خافية على أحد ولكني أخشى على هذه الأمة أن تغرق في طوفان الثورات بدون التريث في أسبابها وقد تغدو عادة معادة لا يمكن للجزيرة أو غيرها إضافة رتوش جديدة عليها كما باتت الجزيرة مشهورة بها الآن!..أخشى أن تثور الشعوب دون النظر إلى ما تحقق وما يمكن أن يتحقق على يد الوافد الجديد الذي يمكن أن ينجح بانبهار في مصر وتونس ويسقط باقتدار في اختبارات الرئاسة اليمنية أو الجزائرية أو غيرهما!.. نعم.. نريد للشعوب العربية أن تنتفض وتحرك من حاضرها وترسم مستقبلها وبثورات لا تعرف النوم أو الاستكانة حتى وإن قدمت الأرواح فلا علو من غير كسور ولا ربح من غير خسائر ولكني أخشى من أن يجد التقليد طريقه بينكم لمجرد أن يثور الشعب ويحقق له أسهماً في بورصة الإعلام الذي يقتات هو الآخر في ديمومته على مثل هذه الثورات في كونها (الستايل الجديد) لشعوب المنطقة العربية!.. ورغم هذا فلا بأس..اقلبوا الطاولات واجعلوا كلمتكم العليا وكلمة السلطات هي السفلى لكن مع عدم أخذ الصالح مع الطالح فلا يبدو ان الجديد الذي يرغبه أهل اليمن سيكون على قدر من الآمال باعتبار انه سيحتاج هو الآخر لوقت وسنوات طويلة ليشعر بالتخمة التي عادة ما ترافق منصب الرئاسة لدول تحمل من الثروات ما يزرع منها في موروثات من يتولى قيادتها لاحقاً ولكني أرجو حقاً أن تجد ليبيا طريقاً هي الأخرى للانتفاضة الشعبية ويبدو أنه طريق ممهد للتغيير السريع باعتبار ان القذافي سيكون ضمن المعتصمين لإسقاط نفسه وحكومته!.. منتهى العبط والله ولكن دعوني هذه الأيام أنتشي فرحة مصر ونشوة تونس وما عداهما فدعوا لنا فرصة لنستقبل مولودين جديدين لفظهما رحم هذه الأمة بعد ولادتين عسيرتين لم تفصل بينهما غير أسابيع قليلة كان الأخ الأكبر يطلق الصيحات الأولى للحياة في تونس وليعقبه أخوه التوأم في مصر يعلن وجوده بقوة إلى جانب شقيقه وليفرح أهل الخضراء والمحروسة والعقبى لأهل اليمن السعيد وبلد المليون شهيد! فاصلة أخيرة: بربك أيها الوطن العربي الكبير.. تغير.. دعني أقولها دون أن يشمت بي أحدهم..نعم أنا عربية الموطن والمنشأ والتربية..ومن يحكمني يرى مني مدللته الجميلة وليس مخدومته الغبية!!.