15 سبتمبر 2025
تسجيلتتجه الأنظار في دولة الاحتلال إلى مظاهرة دعت إليها المعارضة مساء السبت الماضي في تل أبيب شارك فيها 80 ألف إسرائيلي خوفا على زوال الدولة العبرية بسبب ما سماه المتظاهرون قتل الديمقراطية وتهديد القضاء وإلغاء مبدأ المساواة بين العرب واليهود، وشكلت المظاهرة أزمة غير مسبوقة بين المعارضة والحكومة اليمينية برئاسة بنيامين نتنياهو. وللمرة الأولى باتت تُسمع في دولة الاحتلال بشكل جدي تعبيرات "الحرب الأهلية" و"زلزال شعبي" و"يشعلون النار في البلاد". ومن جهة أخرى أصدر وزير الأمن القومي في حكومة الاحتلال بن غفير، قرارا بمنع رفع أي علم فلسطيني، إضافة إلى قرار آخر يقضي بمنع زيارة الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال. وقال المتطرف اليميني وزعيم حزب "القوة اليهودية" في تغريدة عبر "تويتر" إنه وجه شرطة الاحتلال لفرض حظر رفع أي علم فلسطيني أو أي علم يظهر تماهيه مع المنظمات الفلسطينية أو يحرض ضد إسرائيل ويأتي هذا بعد تقارير نشرتها وسائل إعلام إسرائيلية من بينها قناة (12) الخاصة، تشير إلى توتر شديد بين بن غفير وشرطة الاحتلال بعد تجاهل الأخيرة تعليماته لمنع الاحتفالات بتحرير الأسير الفلسطيني كريم يونس الذي قضى في السجون الإسرائيلية 40 عاما وخرج الخميس الماضي وعبر العديد من الكتاب والأوساط الإسرائيلية عن خشيتهم من التداعيات الخطيرة لاقتحام من يسمى وزير "الأمن القومي" الإسرائيلي النائب المتطرف إيتمار بن غفير المسجد الأقصى المبارك تحت حراسة أمنية مشددة واعتبرت "هآرتس" في افتتاحيتها يوم 7 يناير أن " "الكابينت" السياسي الأمني فرض عقوبات على السلطة ردا على توجهها لمحكمة العدل الدولية في "لاهاي" ضد إسرائيل بشكوى رسمية طلبا لرأي المحكمة في ما إذا لا يزال ممكنا مواصلة اعتبار الاحتلال (الأراضي المحتلة منذ عام 1967) الذي يتواصل منذ 56 عاما "مؤقتا" واستخلصت الشكوى الفلسطينية العبرة فقالت: "هذه الممارسات هي ذروة جديدة في الوقاحة الاسرائيلية". وأضافت: "دولة لم تنفذ أبدا قرارات الأسرة الدولية ولا القانون الدولي وتتهم باللاسامية كل من يتجرأ فقط على التلميح بفرض عقوبات ضدها بينما تفرض بنفسها عقوبات على السلطة الفلسطينية"، منوهة إلى أنه "لا حدود للازدواجية" الإسرائيلية. وقالت الصحيفة: "حكومة قامت لتوها على أساس الخط الأساس الذي بموجبه "للجمهور اليهودي حق قصري وغير قابل للجدال على كل مناطق إسرائيل"، والتي تصرح بأنها "ستدفع قدما نحو توسيع الاستيطان في كل أرجاء البلاد" بما في ذلك "في الضفة الغربية ونوهت إلى أن "إسرائيل تدعي أنه لا يوجد احتلال وهي ترى في الطلب الفلسطيني بالاعتراف بحقيقة أنه عمليا يدور الحديث عن الضم كعمل هجومي عدائي سياسي وقضائي، بتعبير آخر لا يوجد احتلال لأنه مؤقت". وأعلن "الكابينت" أن "الحكومة الحالية لن تستقبل الحرب السياسية والقضائية وربما العسكرية للسلطة الفلسطينية ضد إسرائيل مكتوفة الأيدي، وسترد بكل ما يلزم". وفي نفس السياق حلل حسن أبو هنية ظاهرة الفاشية الجديدة فقال: "تشير الفاشية تاريخياً إلى تيار سياسي وأيديولوجي من أقصى اليمين ظهر في أوروبا في العقد الثاني من القرن العشرين يستند إلى نزعة قومية عنصرية تُمجد الدولة إلى حد التقديس. وقد تطور فهم الفاشية في القرن الحادي والعشرين مع صعود الحركات اليمينية والشعبوية المتطرفة باعتباره أحد أشكال القومية المتطرفة لمواجهة ضعف وهشاشة الروح الوطنية. وتتجسد الفاشية من خلال مناهضة الديمقراطية الليبرالية وحقوق الإنسان والتعددية الثقافية. وأضاف الكاتب قائلا عن إسرائيل: إن وصف إسرائيل بالدولة الفاشية من قبل مفكرين ومؤرخين إسرائيليين (مثل المفكر والمؤرخ الإسرائيلي شلومو صاند) ليس بالجديد، ويعد المؤرخ الإسرائيلي الراحل البروفيسور زئيف شترنهل أحد أهم المختصين بدراسة الفاشية وهو لم ينفك يحذر في كتبه ومقالاته من انحدار إسرائيل نحو الفاشية منتقداً نظرية المناعة الإسرائيلية. وقد حذر من أن العقلية الفاشية الإسرائيلية هي العقلية التي يمثلها بنيامين نتنياهو، لكن شترنهل يقول إن نتنياهو لم يخترع أي شيء، فالقوميون المتعصبون على أنواعهم كانوا دائما بحاجة إلى عدو وقبل أي شيء لعدو في الداخل. هذه حالة الانحراف أو بالأحرى الانعطاف الإسرائيلي من سياسة (الأبرتهايد... أي الميز العنصري) إلى سياسة فاشية صريحة وقحة خارجة تماما عن القانون الدولي ومنطق العلاقات الدولية السليمة. وحسب الكاتب الإسرائيلي أميتاي بن أبا في مقالة بعنون "عقيدة الإبادة الجماعية الجديدة في إسرائيل"، فإن تصورات حل نهائي للقضية الفلسطينية على طريقة سموتريتش وأمثاله، مأخوذة من سفر يشوع، حيث يقوم الإسرائيليون الغزاة بتنفيذ عملية إبادة ضد الكنعانيين الأصليين، حتى لا تُترك روح واحدة تتنفس، باقتباس توصيف الحاخام موسى بن ميمون. تكاثر الحديث عن صعود الفاشية في إسرائيل عقب تشكيل حكومة نتنياهو اليمينية في الأوساط اليسارية الإسرائيلية، وكأن المشكلة مع اليمينية الصهيونية فقط، وليس في صلب الحركة الصهيونية وتياراتها الأساسية كحركة استعمارية استيطانية تهدد الوجود الجماعي للسكان الفلسطينيين الأصليين.