15 سبتمبر 2025
تسجيلشهدنا خلال الأشهر الماضية كثرة حالات الغش التجاري وبيع السلع والمنتجات الفاسدة والمغشوشة وتغيير تواريخ صلاحيتها وبياناتها. وقد أعلنت وزارة التجارة والصناعة عن عدة حالات ضبطت فيها متاجر وشركات أغذية تمارس الغش التجاري واتخذت بشأنها إجراء الإغلاق الإداري للمحل المخالف. ولكن، هل يعد الإغلاق الإداري كافياً في حالات الغش التجاري؟ وما هي العقوبات التي وضعها القانون لمثل هذه الحالات؟ نظم قانون حماية المستهلك رقم ٨ لسنة ٢٠٠٨ نصوصاً لمكافحة الغش التجاري. فالمادة (٦) تمنع بيع أي سلعة مغشوشة أو فاسدة، وتعتبر السلعة مغشوشة أو فاسدة، إذا كانت غير مطابقة للمواصفات القياسية المقررة أو كانت غير صالحة للاستعمال أو انتهت فترة صلاحيتها. كما ألزمت المادة (٧) من القانون عند عرض أي سلعة للتداول أن يُذكر عليها نوع السلعة وطبيعتها ومكوناتها وكافة البيانات المتعلقة بها. وتحدث عمليات الغش التجاري عند قيام التاجر بتغيير تواريخ انتهاء صلاحية السلع والمنتجات ووضع تواريخ حديثة. أو أن تكون السلع غير مطابقة للمواصفات القياسية كأن تحتوي على مواد ضارة أو بالمخالفة للمواصفات التي تحددها الجهات المختصة بشكل لا يضر بصحة المستهلك. وتعتبر هذه الأفعال جريمة عقوبتها الحبس مدة تصل إلى سنتين والغرامة التي تصل إلى مليون ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين، وفقاً للمادة (١٨). ويجوز للمحكمة، وفقاً للمادة (٢١)، أن تحكم بإغلاق المحل المخالف لمدة تصل إلى ثلاثة أشهر. ولكن هل تكفي هذه العقوبة لمكافحة عمليات الغش التجاري؟ وهل تشكل رادعاً للفاسدين الذين يمارسون الغش التجاري لتحقيق الأرباح دون اعتبار لصحة وسلامة المستهلك؟ في الحقيقة نجد أن فرصة ضبط هذه الجرائم تكاد تكون ضعيفة، فالأمر يتطلب عددا كبيرا من المفتشين وعمليات تدقيق على مختلف المنتجات والسلع لرصد المخالفات، وفي المقابل نجد اتساع النشاط التجاري بشكل يصعب معه رصد كافة المخالفات. والعقوبة المقررة لهذه الجرائم تعتبر بسيطة بالمقارنة مع جسامة الفعل، فالغش التجاري يدل على استهتار بصحة وسلامة أفراد المجتمع ويؤدي إلى نشر الأمراض والتسمم وغيرها من الحالات المرضية المختلفة بحسب طبيعة السلع سواء كانت غذائية أو سلع تنظيف أو منتجات صحية وغيرها، والتي تؤثر في صحة الإنسان وتسبب معاناة قد تستمر لأشهر أو أمراضا دائمة وقد تصل إلى حد الوفاة. ولو ضربنا على سبيل المثال متجراً يبيع منتجات منتهية الصلاحية ويوزعها على عدة مطاعم، وتقدم هذه المطاعم وجبات باستخدام تلك المنتجات الفاسدة لمئات المستهلكين، فكم حالة مرضية قد نشهدها في المجتمع ولا يدرك المستهلك أن سببها حالة غش من متجر واحد ساهمت في نشر الأمراض؟ ولا يمكن القبول بأن تكون صحة الإنسان مهددة في ظل العقوبة البسيطة والتي لا تحقق الردع الكافي للفاسد نفسه ولغيره. ولذلك لا يجب التهاون مع هذه الجريمة. وهذه دعوة نحو تشديد العقوبات المنصوص عليها في قانون حماية المستهلك كما أخذت به مختلف القوانين في الدول الأخرى بزيادة مدة الحبس المقررة للجريمة، بالإضافة إلى الإغلاق النهائي للمحل المخالف وإلغاء السجل التجاري للشركة، ومنع التاجر المخالف من ممارسة النشاط التجاري لمدة محددة. ماجستير في القانون Alibinkhalil@