02 نوفمبر 2025
تسجيلإن الحق سبحانه وتعالى منّ بفضله العظيم على كثير من عباده مما جعل لهم القبول في الأرض، فاهتدوا بنور الإيمان وعملوا على تنفيذ الأركان وسعوا لنيل عظيم الجنان عند الملك العلام، فإن المجتمع الإسلامي مجتمع نظيف في مظهره طاهر في مخبره والمسلم فيه يحث السير إلى الارتقاء المادي والنفسي، لذا فديننا الحنيف بهديه العظيم وآدابه السامية وخلقه الرفيع كما يدعو إلى جمال الهيئة والمحافظة على النظافة الشخصية، فإنه يدعو إلى جمال الطبيعة والمحافظة على البيئة السليمة التي تصلح لحياة الإنسان وراحته، فلقد أصبحت مشكلة تلوث البيئة خطرا يهدد الجنس البشرى بالزوال بل يهدد حياة كل الكائنات الحية والنباتات ولقد برزت هذه المشكلة نتيجة للتقدم التكنولوجي والصناعي والحضاري للإنسان ويشمل تلوث البيئة كل من البر والبحر وطبقة الهواء التي فوقها وهو ما أشار إليه القرآن الكريم في قوله تعالى: (ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون )الروم:41 فكثرت الهموم في الدنيا مما جعل الناس على ظهر المعمورة اليوم مشغولين بهمومها واصبح كوكبنا مشوها، فالحر ألهب ظهورنا وتغيرات المناخ تهدد جونا والمبيدات أفسدت أرضنا والقطع الجائر للأشجار نحر غاباتها وهدد حيواناتها، والناس لوثوا مياهها، ومن هنا يتضح لنا أن الحرص على حياة الإنسان وسعادته هو أسمى مقاصد الشريعة، فلماذا لا نحسن التخطيط حتى نحافظ على أنفسنا وحياتنا وصحتنا وقد منحنا الله عقلا مفكرا مدبرا، نتدبر هدي الإسلام من خلال توجيه رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم في قوله "إن الله جميلٌ يحب الجمال" فالعبد الحقيقي المسلم هو كما أراده الإسلام شامة بين الناس يحافظ على نظافة هيئته وجمال شكله وخروجه في منظر يليق به، لذا فهو يعتني بالنظافة في فترات متقاربة مستجيبا في ذلك لهدي النبي صلى الله عليه وسلم الذي حث على الاغتسال الكامل والتطيب، والخروج في المناسبات العامة بصورة معتدلة ومنظر جميل ورائحة طيبة.أما ما نراه من سلوك اجتماعي سيئ من الناس في بعض المناسبات الطيبة التي جعلت لهم أعيادا وأفراحا وهم يخرجون في صحبة أسرهم وأطفالهم للفرح والمرح والتنزه والتلذذ بجمال الطبيعة التي خلقها الله عز وجل للإنسان ليستمتع بها، ولكن يحول هذا الاستمتاع إلى مناظر مقززة تسيء لنا كمسلمين وتلوث الطبيعة وتسيء للأمة جمعاء، عندما نرى بعض الناس مواطنين ومقيمين بعد الانتهاء من تمتعهم وتنزههم لا يكلفوا أنفسهم بنظافة المكان الذي جلسوا فيه، بل الأدهى والأمر أن يقوموا برمي المخلفات في الشوارع العامة،عندما يكونوا متوقفين عند إحدى الإشارات الضوئية في احد شوارع عاصمتنا الحبيبة النظيفة بصورة يحق لك كمواطن ومقيم الفخر بها، وفجأة ترى صاحب المركبة التي أمامك يرمي قصاصات الورق والأكياس المحملة بالمخلفات في الشارع، وبالنظر إلى صاحب هذا السلوك الشائن تجده وكأن لسان حاله يقول وهو عابس الوجه: هناك بلدية لها عمال نظافة، دعهم يحللون رواتبهم.. فهيا لنعطيه درساً مهذباً عن النظافة ونبين له أن ديننا الحنيف يحثنا عليها ورسولنا الحبيب عليه الصلاة والسلام يقول: "النظافة من الإيمان" ويعلمنا من خلال هديه صلى الله عليه وسلم أن إماطة الأذى عن الطريق صدقة، فكيف بك أيها المسلم ترمي الأذى بالطرقات؟ الم تعلم أن هذا إهدار للمال العام بطريقة غير مباشرة، فإماطة الأذى عن الطريق شعبة من شعب الإيمان، وقد اعتبر هذا العمل الخفيف الجليل من أمور العبادات التي يجب على المسلم أن يهتم بها مثلها مثل الصلاة والصدقة وغيرها من العبادات.لذا فمن الضروري علينا كأمة مسلمة الرجوع إلى منهج الله تعالى في تغيير الأنفس حتى تتغير الأحوال، وتطهير القلوب حتى تطهر الأجواء.. فقد دعا الإسلام إلى المحافظة على البيئة نظيفة طاهرة من كل تلوث بدءا من النهي عن التبول في الماء أو التبرز في الطريق العام وحتى في الظل، فإذا تدبرنا آيات القرآن الكريم ونصوص السنة النبوية الشريفة نجدها زاخرة بكل ما يدعو إلى النظافة والطهارة وجمال الكون والنفس، لذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم دقيق الملاحظة في هذه الناحية، فإذا رأى مسلما يهمل تجميل نفسه وتنسيق هيئته نهاه عن الاسترسال في هذا التبذل، وأمره أن يرتدى لباسا أفضل، فمهما تكاثرت الأشغال والمتاعب على الإنسان، فلا ينبغي أن ينسى واجب الالتفات إلى زيه ونظافته واكتماله، وقد امتد هذا التطهر والتجمل من أشخاص المسلمين إلى بيوتهم وطرقهم، فإن الإسلام نبه إلى نظافة البيوت والطرقات من الفضلات والقمامة، حتى لا تكون مباءة للحشرات ومصدرا للعلل والأمراض.