21 سبتمبر 2025
تسجيليتكون التيار السلفي من عدد من الفصائل هي السلفية البازية (نسبة إلى مفتي السعودية السابق عبدالعزيز بن باز) والسلفية الوهابية (نسبة إلى الشيخ محمد بن عبدالوهاب) والسلفية الألبانية (نسبة إلى الشيخ المحدث ناصر الدين الألباني) والسلفية الجهادية. ويضاف إليهم جماعة الجهاد والجماعة الإسلامية في مصر. وقد شكل بعضها أحزابا سياسية بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير، من أجل المشاركة في صياغة النظام السياسي الجديد. فتشكلت أحزاب النور والأصالة والفضيلة للتعبير عن الفصائل السلفية كما شكلت جماعة الجهاد حزب السلامة والتنمية، أما الجماعة الإسلامية فاحتفظت بذات الاسم. وقد تحالفت هذه الأحزاب والجماعات في تكتل يحمل اسم حزب النور في الانتخابات البرلمانية، واستطاعت تحقيق نتائج مبهرة في جميع المراحل، حيث حصلت على ربع مقاعد مجلس الشعب واحتلت بذلك المركز الثاني بعد حزب الحرية والعدالة الجناح السياسي لجماعة الإخوان المسلمين. لكن يبدو أن هذا التكتل السلفي في طريقه إلى التفتت بفعل عوامل كثيرة أبرزها النتائج الكبيرة التي حققها خلال الانتخابات والتي تزيد عن الحجم الطبيعي للأحزاب المكونة له. حيث ستؤدي هذه النتائج إلى محاولة كل حزب وجماعة لعب الدور الأكبر في توجيه هذه الكتلة بما يتفق ومصالحه وهو ما سيؤدي إلى انفجارها وتفككها وفقا لقانون التناسب في الأحجام والأوزان. وقد بدأنا نشهد هذا التفكك في المحاولات التي تقوم بها بعض أحزاب التكتل للاستفادة من تلك النتائج في عرض التحالف مع قوى سياسية أخرى بغرض الحصول على دور أكبر داخل البرلمان كما هو حال الجماعة الإسلامية التي دخلت في مفاوضات للتحالف مع حزب الحرية والعدالة وكذلك الأمر بالنسبة لحزب النور الذي دخل هو الآخر في مفاوضات مع أحزاب وكتل برلمانية مثل حزب الوسط وحزب الوفد وحتى الكتلة المصرية التي تختلف في التوجهات الدينية والأيديولوجية معه حيث تضم بالأساس حزب المصريين الأحرار الذي أسسه رجل الأعمال المسيحي نجيب سويرس الذي يحاكم الآن بتهمة ازدراء الدين الإسلامي، وكذلك حزبي التجمع اليساري والمصري الديمقراطي الاجتماعي. ويسعى حزب النور من خلال مفاوضاته تلك إلى محاولة الضغط على حزب الحرية والعدالة من أجل الدخول في تحالف معه، خاصة في ظل وجود توجه أساسي داخل الأخير لعدم التحالف مع الأحزاب السلفية، معتبرا أنها سوف تمثل عبئا عليه تعوقه عن تنفيذ برنامج السياسي والانتخابي خاصة، في ظل المواقف المتشددة لتلك الأحزاب فيما يتعلق برؤيتها الأساسية للديمقراطية ومدنية الدولة المصرية، حيث تعتبر الأحزاب السلفية أن الديمقراطية ما هي إلا وسيلة لإقامة الدولة الإسلامية والحفاظ على هويتها من أية محاولة لتغييرها قد تقوم بها التيارات العلمانية. لذا يسعى حزب الحرية والعدالة إلى الدخول في تحالف مع بعض الأحزاب الليبرالية المعتدلة مثل حزب الوفد من أجل تشكيل تحالف سياسي واسع تحت قبة البرلمان يساعد على توفير الاستقرار التشريعي ومن ثم السياسي خلال المرحلة المقبلة التي ستشهد بناء النظام السياسي الجديد، والتي سيقوم خلالها البرلمان بمهام تاريخية منها اختيار اللجنة التأسيسية لوضع الدستور ومراجعة القوانين الحاكمة للمجتمع ومساعدة الحكومة في وضع خطة الإنقاذ الشاملة. كما يسعى الحزب من خلال ذلك إلى منع الأحزاب السلفية من الوقوف أمام خطته تلك عبر جذب بعض الأحزاب ذات المرجعية السلفية البعيدة عن التشدد مثل الجماعة الإسلامية التي ستعلن خلال أيام عن دخولها هذا التحالف. وسوف يترتب على هذه التحالفات الجديدة تشكل كتل سياسية مختلفة عن تلك التي تشكلت قبل الانتخابات تكون ضحيتها الكتلة السلفية التي ستفتت بين تلك التحالفات، وبالتالي يصبح وزنها السياسي وبالتالي تأثيرها في مجريات الأحداث محدودا ولا يتناسب مع حجم النتائج التي حصلت عليها في الانتخابات.