16 سبتمبر 2025
تسجيلأوضاع العراق أفرزت الكثير من الحوادث التي سالت فيها الدماء أنهارا، وأوضاع السودان آلت إلى انفصال أضحى في حكم المؤكد، وأحداث الصراع الطائفي في مصر، والمظاهرات في تونس والاضطرابات في المغرب، ومشاكل لا تكاد تنتهي، في لبنان والصومال.. هذه الاضطرابات تليها اضطرابات أخرى في مواقع أخرى من بلادنا العربية، كل ذلك والمشكلة المحورية للعرب وهي الصراع مع العدو الإسرائيلي تسير من سيئ إلى أسوأ، بين مماطلات إسرائيلية.. وعنجهية صهيونية.. واستكبار أمريكي مساند، تقابله خلافات بين القيادات الفلسطينية وتخاذل عربي عام.. فلا اجتماعات القمة العربية تجدي، ولا جهود الوساطة العربية تفيد، ولا مشاريع السلام العربية تجد طريقها للتنفيذ، ولا مساعي الحريصين على وحدة وتضامن الأمة لها مردود إيجابي.. وكأن العرب لم يستفيدوا من تجاربهم مع عدو متغطرس وما أفرزته تلك التجارب من دروس الفشل في أي حوار مع العدو الصهيوني الغاشم، المدعوم بشكل غير محدود من أمريكا، وسياسة الأمر الواقع التي تحمل المفاجأة تلو المفاجأة من الحكم العنصري البغيض في تل أبيب. هذا الواقع العربي له أسبابه وأهمها انعدام الثقة بين القيادات العربية وشعوبها، وغياب الديمقراطية في الوطن العربي، والتفرد في اتخاذ القرار من قبل السلطة، والتبعية السياسية والاقتصادية للغرب، وجميع هذه الأسباب دفعت المواطن العربي إلى حافة اليأس، وقتلت في نفسه نزعة الرفض والمقاومة والمعارضة في ظل الظروف القمعية التي تمارس ضده، ومع أن السند الحقيقي للقيادات العربية هو شعوبها، لكن عزل هذه الشعوب عن المشاركة في القرارات المصيرية، المتعلقة بحاضرها ومستقبلها، أوجد فجوة يصعب ردمها بين الواقع العربي المعيش، وبين ما يتطلع إليه المواطن العربي من العيش الآمن، والتحرر من التبعية والتخلف. البلاد العربية بكل ثرواتها وإمكانيات تكاملها الاقتصادي لا تزال تعاني من انتشار الأمية وازدياد نسبة البطالة وغياب الممارسة الديمقراطية، الديمقراطية كما تجسدها احتياجاتها الفعلية، لا كما تمليها الدوائر الغربية، وفي ظل ظروف كهذه تنمو الفتن وتشتد الصراعات وتشوه المنجزات، ويتخذ الأعداء من كل ذلك وسيلة لرسم صورة سوداء عن تلك الأوضاع، لتصدر إلى العالم كله، ضمن مخطط يسعى حثيثا للنيل من البلاد العربية ومكتسباتها الوطنية، ويعمل على تحريض شعوبها التي تفتقد مقومات حريتها وازدهارها وقدرتها على الاستفادة من ثروات بلادها، وفي التراث الإنساني مقولة (العدل أساس الملك) لكن هذه المقولة تغيب عن أولئك الذين وصولوا إلى السلطة على ظهور الدبابات وعن طريق الانقلابات العسكرية والمعارك الدموية مع خصومهم الذين ينازعونهم السلطة ويسابقونهم للوصول إليها، ليدفع ثمن ذلك كله المواطن المغلوب على أمره، والذي لا يجد أمامه غير الأساليب الفوضوية للمطالبة بحقوقه غير عابئ بما بترتب على ذلك من نتائج سلبية، ما دام يحكمه هاجس يتمثل في أنه لن يخسر شيئا ما دام لا يملك شيئا في الأساس. طريق صلاح الأمة هو صلاح قيادتها، وبغير ذلك لن يصلح حال الأمة، وواقعها الحالي هو الدليل على أنها تتخبط في مسيرتها.. لولا بارقة أمل تلوح في آخر هذا النفق المظلم، تمثلها جهود المخلصين من أبنائها الحريصين على وحدتها وتقدمها وازدهارها، والخروج بها من أزماتها الطاحنة وأوضاعها المضطربة، إلى آفاق التنمية المستدامة، وطريق الإصلاح المنشود. [email protected]