19 سبتمبر 2025
تسجيلعاش الرئيس سقط الرئيس رحل الرئيس هرب الرئيس.. كل هذه العبارات يمكن أن يصفها المحللون والعوام أيضاً للمصير الذي آل إليه التونسي (زين العابدين بن علي) الرئيس الذي يمكن اعتباره ضمنياً بالرئيس الأسبق لتونس الخضراء وقد لجأ — كعادة الرؤساء المخلوعين العرب — إلى المملكة العربية السعودية هو وعائلته بغية الأمن والأمان المرجوين في هذه الحالة المزرية التي أسقطت عرش العابدين وجعلته من اللاجئين في ليلة لم يلحقها ضحى!!.. عمار يا تونس. فلربما هذا ما يجب أن نتمناه لهذا البد العربي الإفريقي وهو يتفجر عن مظاهرات حاشدة عجلت بما يمكن أن نشير إليه بأنه انقلاب على حكم دام عقوداً طويلة دون أن نصرح به جهراً خشية أن يعود الأمر كما كان ونصبح من الذين يدعون لانقلابات رئاسية ونحرض عليها علانية!!.. فالذي جرى كان ولا يزال وليمة إعلامية متخمة بكل النشويات والبروتينات والدهون المشبعة لجميع القنوات الفضائية الإخبارية العربية التي تقتات من مثل هذه (البلاوي والانفجارات الشعبية) لاسيما وإن المحرك الرئيسي لأحداث تونس كان شعبه الذي قهر الكمد والكمت وقال كلمته التي أعطت الوزير الأول في الحكومة الأحقية بالرئاسة( مؤقتاً) وقلدته الحكم بينما كان زين العابدين بن علي يحث عائلته على لملمة الضروريات من القصر الرئاسي والمغادرة أو الهروب من بطش الشعب وإرادة الملايين من ابناء تونس وتصوير الأمر على إنه (مغادرة سلمية) لحين تهدئة الأمور التي يجب أن يكون فيها الرئيس حاضراً باقياً لمواجهة الأمور وإظهار (حسن النية) لديه في تقديم مصالح أمته وشعبه على مصالحه الشخصية في تأمين (بلد اللجوء) حتى قبيل المغادرة!!.. والسؤال الذي يتضخم الآن مع (تنحية) زين العابدين عن السلطة وتولي وزيره الأول مقاليد الحكم في البلاد هو: ما الذي جرى في تونس لتنقلب الحال ويمسي العابدين رئيساً ويصبح لاجئاً؟!.. ما الذي حدث ليكون حال تونس بهذا الشكل المؤسف التي بدا عليه شعبها وهو يلاقي القمع من الجيش الذي فرض عليه حظر تجول وباتت تونس تحت غمرة هذا الجيش ومن يقف وراء ممارساته لشعب أراد العدل فأنطقه الله به بعد عقود من الزمن كان للحكومة عيوبها ولمن فاز بأغلبية ساحقة في انتخابات الرئاسة الأخيرة بأغلب الأصوات وسط تأكيدات بأنها إرادة شعب وليست تلاعبات بهذه الإرادة في فرض العابدين رئيساً ولا أحد غيره آنذاك؟!.. هل نحتاج فعلاً لأن ننتفض كشعوب عربية يمكن أن أسميها شعباً شعباً ولكن خشيتي من أن يصطادها مقص الرقيب هو ما يمنعني عن هذه الجرأة في التصريح بها وأنتم أعلم الناس من أعني في إفريقيا السمراء حيث نصفنا العربي الآخر يقع هناك تحت حكومات باتت (هرمة) وتعاني الصدأ وآن لها أن تسقط لا أن ترتجل وهو الوصف الذي نطلقه للفرسان فقط؟!.. وربما البركان التونسي الذي فجر حممه القاتلة هو ما جعل شعب تونس اليوم بدون رئيس ويستعد لملمة تلابيب فرقته والنهوض لمقاتلة شبح العزلة التي يمكن لأذيال النظام (السابق) أن تجره لدهاليز مظلمة معقدة وهو نفسه الذي يمكن (لجيرانه) أن يحذوا حذوه ونجد تونس أخرى تنتفض وتنفض العالق منها من الظلم والقهر والاستبداد بيد الشعب وليس بيد قوى خارجية متجنية كما كان الوضع بالعراق الذي سمح لأقدام غريبة أن تلوث أرضه وتقتلع عرشه وتهين شعبه وتنهب ثروته وتقيم ركائز لحكومة محسوبة على النظام الأمريكي وليس للشعب العراقي.. هكذا كنا ندعوها نحن الذين رأوا منا ومن أقلامنا معارضين بينما في الحقيقة إن كل ما كنا نتمناه أن يكون التغيير بيد الشعب وليس من يفرضه الآخرون على الشعب ويسيره حسب سياسته وأهوائه ونظامه وأطماعه الخفية المستترة تحت شعارات الرحمة والنصرة أو المكشوفة والتي أظهرتها الأيام للشعب العراقي الذي يعاني حتى بعد (التحرير المزعوم) بأكثر من ثماني سنين من نار الطائفية وصعوبة العيش والعودة لأيام الجهل التعليمي والديني وفقدان الأمان الذي يعد من أهم أولويات أية حكومة تنصب نفسها وجماعتها حكاماً!.. اللحظات القادمة ستنجب الكثير وربما لا ينشر مقالي هذا إلا وتونس تخطو أولى خطواتها للتحديث أو العودة لجحور الظلام.. من يدري ربما أكون أولهم!! يا ساتر!. فاصلة أخيرة: اللهم اجعل هذا البلد آمناً مستقراً وانعم عليه بما تجود به من الأمن والطمأنينة والسعادة اللهم آمين يارب العالمين.