19 سبتمبر 2025

تسجيل

كيف تشعر بالرضا بما قسمه الله لك؟

15 ديسمبر 2022

تتقلَّب أحوالُ المسلم في دروب الحياة بين أمرين، في كليهما أجر ومثوبة، فتمضي أيامه بين شكر للنعم ورضا، وصبر على المحن، فينال بذلك الرضا والمغفرة من ربه، وهذا من عجيب أمر المؤمن، كما جاء في الحديث الشريف؛ فقد قَالَ رَسُولُ الله ﷺ: «عَجَبًا لأمْرِ الْمُؤْمِنِ، إِنَّ أمرَهُ كُلَّهُ لَهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لأِحَدٍ إِلَّا للْمُؤْمِن: إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَان خيْرًا لَهُ» (رواه مسلم). فالمسلم الحق يصل بنعمة الرضا إلى منزلة العابد القائم الذي لا يَفتُر، الصائم الذي لا يُفطِر؛ فالرضا ثمرة المحبة الخالصة للخالق سبحانه وعظيم الخضوع له والرضا بأقداره. فتجده راضيًا يلجأ إلى ربه ويفر إليه طالبًا رضاه ولسان حاله يقول كما وصفه القرآن الكريم: «وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَىٰ» (سورة طه: 84). وعلَّمنا رسولنا الكريم، صلَّى الله عليه وسلَّم، أنْ نجدِّد الرضا في كل يوم حتى نفوز برضا الله، عز وجل؛ فقد رُوي عنه، صلَّى الله عليه وسلَّم، أنه قال: «مَنْ قَالَ حِينَ يُمْسِي: رَضِيتُ بِاللَّهِ رَبًّا وَبِالإسلامِ دِينًا وَبِمُحمَّدٍ نَبِيًّا، كَانَ حَقًّا عَلَى الله أَنْ يُرْضِيَهُ» (أخرجه التِّرْمِذِيُّ). فالمؤمن مُبتلى ليمتحن الله صبره ورضاه بما قدر وقضى سبحانه. وكلما زاد البلاء زاد الأجر، كما جاء في الحديث الشريف؛ فعن أنس بن مالك، رضي الله عنه، عن النبي، صلَّى الله عليه وسلَّم،أنه قال: «إِنَّ عِظَمَ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلاءِ، وإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلاهُمْ، فمَنْ رَضِي فَلَهُ الرِّضَا، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السَّخَطُ» (رواه الترمذي). وقد تعرَّض رسولنا الكريم، صلَّى الله عليه وسلَّم، لصعوبات وابتلاءات كبيرة، كان في ظاهرها المِحَن وفي باطنها المِنَح، فتقبَّلها رسولنا، صلَّى الله عليه وسلَّم، وأصحابه، رضي الله عنهم، بالرضا والتسليم التام لأقدار الله، فكان حقًّا على الله أن يرضيهم بعدما رضي عنهم بفضله ومَنِّه وكرمه. فنعمة الرضا لا يفوز بها إلا هؤلاء الصفوة المقرَّبون، مَن بلغوا بصفاء قلوبهم ونقاء سريرتهم أعلى الدرجات فيرضى عنهم سبحانه ويُنعم عليهم بالرضا فتقنع أنفسهم بأنه عز وجل هو الذي يُعطي ويمنع، ويخفض ويرفع، ويضر وينفع؛ فلا قدرة لمخلوق مهما بلغ سلطانه على شيء من أمور العباد إلا بإذن الله. فهذه النعمة العظيمة سر السعادة في الدنيا والثواب الكبير في الآخرة. فيجب علينا جميعًا الشعور بالرضا في كل أمورنا وجميع أحوالنا، ولا بُدَّ من أن نشكر الله تعالى الذي يمنحنا الرضا لكي نسعد بدنيانا. فالرضا بقضاء الله وقدره هو السبيل الوحيد لكل مسلم ليعيش حياته سعيدًا مطمئنًّا ينعم براحة البال والسكينة، فعندما نقنع بأن الأمور كلها بيد الله سبحانه نأخذ كل ما يأتي منه بسعادة ورضا تام؛ لأننا على يقين تام بأن الله يحبنا ودائمًا يختار لنا الأفضل. • وصية: فوصيتي لكل إخواني وأخواتي وأبنائي وبناتي: لا تحمل هم القادم ولا تخَف من النتائج ولا ترهق ذهنك بما هو آتٍ ولاتحزن على ما فات. فما دمتَ تجتهد قدر استطاعتك، سواء في عملك أو دراستك أو رعاية مسؤولياتك، فعليك السعي والاجتهاد، ومهما كانت النتائج والعطايا من الله فنحن في تمام الرضا بأقداره؛ لأنها تحمل الخير لنا لا محالة. •دعاء: اللهم أنعِم علينا بالرضا واجعله زادًا لنا في الحياة الدنيا، وفي الآخرة رفعة في الدرجات.. اللهم آمين يا رب العالمين.