31 أكتوبر 2025
تسجيلبعيدا عن سير عمليات الكر و الفر العسكرية الدائرة في العراق منذ الصيف الماضي و التي أدت لمتغيرات ميدانية رهيبة على كل ملفات العراق الساخنة، فإن ملف الأستاذ طارق الهاشمي النائب السابق لرئيس جمهورية العراق يشكل اليوم محورا استراتيجيا و منعطفا أساسيا في معالجة و مراقبة حالة التغيير السياسي المنشودة في العراق عبر تفكيك عناصر انفجار الأزمات الداخلية، و المعالجة الموضوعية و المباشرة للخطايا و الرزايا و الجرائم التي تكشفت تباعا لممارسات إدارة رئيس الحكومة العراقية السابق نوري المالكي الذي تحول لنيابة رئاسة الجمهورية وهو يجر خلفه أطنانا من الملفات و القضايا المثيرة للشبهات و التي سيؤدي فتح ملفاتها الثقيلة لنتائج رهيبة ستطفو و تظهر تباعا على خارطة العراق السياسية و القضائية أيضا، المالكي اليوم يقف محشورا في زاوية التاريخ فيما ملفات موبقات إدارته العجفاء تفتح بالتقسيط المريح عبر أساليب إدارية بطيئة و لكنها ملموسة لجأ لها رئيس الحكومة حيدر العبادي الذي يرزح هو الآخر تحت ثقل و معاناة تركة سلطوية هائلة وثقيلة للغاية تجعل أشد الرجال مراسا يصاب بالكآبة المفرطة وحتى الإحباط لهول الأحداث و الملفات و الفبركات وحجم الخراب الكبير الذي تخصصت حكومة المالكي في إشاعته حتى أن قيادات كبيرة في حزب الدعوة الحاكم قد أعلنت تبرؤها من ممارسات مرحلة الحكم المالكية في محاولة للهروب من السفينة المالكية قبل أن تغرق بالكامل!!، لقد لجأ السيد حيدر العبادي لمقاربات وممارسات إصلاحية لا نشك في جديتها ولا في أهدافها ونواياها الطيبة، ولكن النوايا الطيبة وحدها ليست بكافية لإصلاح وجبر الضرر الكبير الذي خدش وجه العملية السياسية برمتها في العراق فالمالكي كان يدير السلطة بأسلوب مافيوزي محض كان هدفه التخلص من القيادات الشعبية وإبعاد أي صوت عراقي حر يمكن أن يعرقل مسيرته السلطوية المستبدة التي أراد إعطائها صفة الديمومة بعبارته الشهيرة ( ما ننطيها )! ولن يتمكن أحد من أخذ السلطة منه!! وهي عقلية استحواذية مدمرة تؤدي بصاحبها للهلاك الحتمي ، لقد عالج العبادي حتى اليوم بعض المعالجات السطحية لتركة الخراب المالكية الثقيلة و الكئيبة ولكنه من الواضح يقف مترددا أمام أهم ملف قانوني وحقوقي و سياسي وهو ملف رد الاعتبار السياسي و الأدبي و القانوني للأستاذ طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية الأسبق المستقيل، الذي كان أحد أبرز ضحايا حقبة التسلط والإرهاب و الظلم المالكية التعيسة وحيث فبركت ضده وضد طاقم مكتبه إتهامات جائرة و مزيفة بالإرهاب في محاولة بائسة لتسقيطه و تسفيه طروحاته الإنسانية الراقية كان من نتيجتها صدور أحكام الإعدام بالجملة و المفرق و تحت دواعي سياسية محضة لاعلاقة لها بالقانون و موازين العدالة الصرفة المجردة من الأغراض السياسية، ورسخت تلك الاتهامات جروح وخدوش طائفية سقيمة سعى لها المالكي حثيثا ضمن منهجه الطائفي الإقصائي التسقيطي الذي كان من نتيجته سقوط الدولة العراقية بأسرها و تدمير مقدراتها و سرقة ثرواتها لصالح العائلة و الأقارب و العشيرة، لقد عرف العالم الحر طارق الهاشمي وهو يصول ويجول في أروقة العالم السياسية صوتا حرا و إنسانيا حمل صليب معاناته على أكتافه وهو يدعو للسلم و السلام و بناء العراق على أسس المواطنة العراقية الحقة بعيدا عن أية تصنيفات طائفية مريضة و فتح له الإتحاد الأوربي أبوابه، وتضامن مع مظلوميته أحرار العالم وثبتت في النهاية وبالدليل الملموس رؤيته الصادقة و الحكيمة للأحداث و التطورات، فيما ملف قضيته و مطالبته الدائمة بالعدل لم تزل حبيسة التردد و المصالح الطائفية المتناقضة و الواقعة تحت ضغوط خارجية لا محالة، العبادي لو كان جادا في معالجة المشاكل العراقية العويصة فإن عليه الإسراع في حسم الملف القانوني للسيد طارق الهاشمي و تصحيح مظلوميته ورد الاعتبار له بالكامل و تعويض المتضررين و الشهداء من طاقم مكتبه وحمايته الذين فبركت ضدهم اتهامات ظالمة، السيد الهاشمي كان حريصا على تطبيق العدالة الحقيقية وأعلن عن استعداده الكامل للمثول أمام أي محكمة عادلة غير مسيسة تنظر في الاتهامات الظالمة المفبركة ضده وهو واثق ثقة الرجال المؤمنين والشجعان بأن الحق لابد أن يفرض وجوده في نهاية المطاف و بأن ليل الظلم و التسلط لن يطول أبد الدهر، كما أن العبادي وفريقه يعلمون علم اليقين بأساليب إدارة المالكي الشاذة و الإرهابية في التعاطي مع الملفات وقد وجه العبادي ضربات مباشرة لرموز الفساد المالكية ولكنها كما أسلفنا ضربات بالتقسيط المريح وليست قاصمة نظرا لحساسية التوازنات الطائفية ولدور العامل الإيراني المهيمن على العراق في ضبط إيقاع التطورات السياسية، ملف الأستاذ طارق الهاشمي و تصحيح الخطيئة المقترفة بحقه هو الاختبار الجدي و الحقيقي لجدية حيدر العبادي فالزمن يمضي سريعا ولا مجال للتردد و الإبطاء.