12 سبتمبر 2025

تسجيل

سؤال بلا إجابة

15 ديسمبر 2011

كنت قد دعيت مؤخراً لحضور منتدى الإبداع الخليجي الثاني في دولة الإمارات العربية المتحدة وتحديداً في مدينة الشارقة والتي اشتهرت بتبنيها وتشجيعها للمثقفين ودعمها للثقافة في كل مجالاتها وميادينها وتحديداً في مجال الإبداعات الكتابية حيث ينظم هذه الفعالية اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، وقد حاصرني المشاركون من الأدباء والكتّاب من جميع دول الخليج والتي أضيفت إليها العراق واليمن كضيفتي شرف تمهيداً لانضمامهما بشكل دائم.. حاصروني بمجموعة أسئلة وتساؤلات واستغرابات واستنكارات.. تحمل في مجملها سؤالاً واحداً.. لا أملك الإجابة عليه حتى هذه اللحظة.. (لماذا لا يوجد لديكم اتحاد أو جمعية للكتاب والأدباء؟).. وهممت أن أبدي بعض الأعذار الواهية في نظري إلا أنني توقفت عندما رأيتهم يكملون.. (إن قطر مميّزة في شتى مجالات الفنون والرياضة وهناك متسع كبير للحرية في بلادكم.. إذن فلماذا لا يوجد لديكم اتحاد أو جمعية للكتّاب والأدباء أو على الأقل أندية أدبية وثقافية لتساهم في نهضة أبناء قطر من خلال نهضة عقولهم وتنمية ثقافتهم وترشيد أفكارهم وصقل مهاراتهم ومواهبهم).. فعدت إلى السكوت من جديد، وبدأت أستدرك أنهم مازالوا ينتظرون مني إجابة شافية لتلك الحيرة الكبيرة في عقولهم وأذهانهم، فسردت لهم تلك الحكاية الطويلة العريضة عن تاريخ تلك المحاولات التي بدأت منذ سنين طويلة وعلى يد مجموعة كبيرة من الكتاب والكاتبات من مثقفي وأدباء قطر على مدى تلك السنوات العجاف التي لم تثمر عن شيء يذكر.. كان آخرها حزناً وتراجيديا.. أنه تم سحب المكان المخصص ليكون مقراً لذلك الكيان في الحي الثقافي ليُعطى بشكل أو بآخر لكيان آخر ولفئة أخرى، وسواءٌ كانت تلك الخطوة مبررة أم لا من تلك الجهة "المانحة" أو كانت هناك مخالفات أو نحوه ارتكبتها الجهة "الشاحذة" لهذا المكان، فإن النتيجة واحدة. وبعيداً عن سرد الحكاية التاريخية لذلك النزاع والصراع الذي عاناه المثقفون من الكتّاب والأدباء القطريين والقطريات طوال السنوات الماضية الممتدة من أواخر القرن العشرين وحتى اللحظة في أوائل القرن الحادي والعشرين.. وبعيداً عن ماهية تلك الإجراءات التي اتخذها أولئك القدماء والمحدثون في هذا الأمر وبعيداً عن تلك الجهود التي بذلوها في هذا الإطار، ودون المقارنة أو المقاربة بين هذا المجال وبين مجالات وأنشطة أخرى أصبح لديها مبان ومقار خاصة.. فخمة وضخمة وميزانيات ودعم مادي ومعنوي من شتى الجهات، فإننا لابد أن نختم ذلك كلّه بأنه من غير المعقول أن تقف تلك الجهود في محلّها وأن ننتهي إلى نقطة الصفر أو اللاشيء، وأن تتفوق على دولتنا الحبيبة دول أقل منها إمكانات وقدرات في الانطلاق في عالم الثقافة والفكر، لما لهما من شأن كبير في نهضة الأجيال وتثقيفها وإحداثها لتحولات اجتماعية واقتصادية وفكرية تقود المجتمع إلى التحوّل إلى مجتمع أفضل بعقول واعية ومدركة للمستقبل ومتطلعة لبناء غد مشرق لوطنها، فمن غير المعقول أن تشتهر الدول بنخبها الثقافية والأدبية في مجالات الفكر والثقافة والأدب كالشعر والقصة والرواية وغيرها وأن لا يكون نصيب قطر من تلك الأعلام في الفكر والثقافة والأدب إلا الشيء اليسير والذي لا يتناسب مع سمعة قطر وتفوقها في كل ميدان اقتحمته وبرعت فيه، ولدينا من الإمكانات ما يؤهلنا لأن نتولي الريادة على مستوى العالم العربي لا على المستوى الخليجي فحسب. إن وجود اتحاد أو جمعية للكتاب والأدباء أصبح ضرورة في كل بلد يسعى لإبراز وجهه الحضاري بين بقية دول العالم وشعوب الأرض، فالمثقفون والأدباء هم سفراء أوطانهم للناس، فكيف نكتفي بالجهود الفردية البسيطة والمتواضعة في التعريف بالمثقف والمفكر والأديب القطري ونحن لدينا القدرة والإمكانات الفائقة لدى الجهات الحكومية إذا ما صدقت في مسعاها نحو تأسيس مثل هذا الكيان وإيجاده في أسرع وقت ممكن، وليس من المعيب أن نبدأ متأخرين في ذلك ولكننا من العيب أن لا نبدأ أصلاً في مزاحمة الدول في هذا المجال أو السعي بخطوات جادة لإيجاد أندية ثقافية وأدبية بل واتحادات وجمعيات للكتاب ولجميع فنون الأدب في كل مدينة وفي كل منطقة من مناطق قطر، فمن أوجد الملاعب الصغيرة والمتنزهات المتفرقة في المناطق والأحياء يسهل عليه إيجاد تلك الأندية والمراكز لتساهم بشكل متكامل مع غيرها من الأنشطة في تنمية ونهضة قطر ورفع اسمها عالياً في كل الميادين.