20 سبتمبر 2025

تسجيل

أيها المواطن.. كُنْ "زَلمه"

15 ديسمبر 2011

من سمع بمعرض الكتاب الذي يقام هذه الفترة بأرض المعارض؟! يبدو أن السؤال صعب ولم يستوعبه أحد! كم واحداً يعلم بأن معرض الكتاب مقام الآن في الدوحة، وكم شخصاً ساقته قدماه للمشي بين أزقته الواسعة، باعتبار أنه من المستحيل أن يضج بالزائرين كما هو شأن المعارض التجارية التي تدخل إليها مفقوداً وتخرج مولوداً؟!.. الكتاب!.. وهل نقرأ ليقام بيننا مثل هذا المعرض الذي أخشى أن يفقد رونقه بعد أن أجبرنا هيبته على الانتحار، منذ أن هجرنا القراءة وباتت الشبكة العنكبوتية سبيلنا لأخذ المعرفة: الغث منها والسمين؟! لماذا هذا المعرض الذي أراهن بأنه سيعلن خيبته على مشارف الأسبوع المقبل وسط احتفالات الدولة باليوم الوطني، إن لم يكن قد أعلنها مع الساعات الأولى لافتتاحه؟! لماذا نستمر في تنظيمه ونحن أمة لا تقرأ؟!.. واللهِ لا تقرأ! من عليه أن يقنع المسؤولين بأن معرض الكتاب الدولي ليس (برستيجاً) سنوياً يقام لأجل أن يقام وكفى؟! ألا يعلم أحد بأن للكتاب (كرامة) يجب أن يعتني بها من يسعى لاستضافة هذه (الروح) بيننا؟!.. وأسميه روحاً لأنه ينطق، وغيرنا أصم أخرس! من دعاه ليعاني مسلسل (الهجر) منا وهو الأحق بالسُكنى؟! كم شخصاً يفكر بزيارة معرض الكتاب اليوم، بل من منكم يلوم نفسه على تفويت فرصة زيارة الكتاب منذ الإعلان عنه قبل ايام؟! لا أحد!.. بارك الله فيكم! ذهبت وأنا أفكر بأنني سأقضي جزءاً من وقتي في إحصاء الذين (تكبدوا عناء الطريق) بينما سأمضي جُلَّ الوقت في تصفح ما يمكن أن يغري عينيَّ بكشف ما بين دفتيه، وبالطبع لم يدفعني — ولا أخفيكم سري هذا — لزيارة معرض الكتاب سوى شغفي بما يمكن أن ألقاه جديداً، وفاتني في مؤلفات من تستهويني كتاباتهم مثل يوسف السباعي وإحسان عبدالقدوس وغيرهم ممن صقلوا أسلوبي وفتحوا لي سماوات جديدة في التراكيب والتفنن ببلاغتنا العربية التي علمنا إياهنا كتابنا العظيم قرآننا الكريم. عشرات.. هؤلاء ممن غلبهم حبهم القديم بالقراءة إلى زيارة المعرض تجولوا بالمكان بأريحية، دون أن يصر آخرون على مشاركتهم أرضاً تتحدث كل اللغات.. مجرد عشرات! لن أدعوكم للقراءة لأنها هوى منذ الصغر.. عشق طبيعي وليس تطبعي.. ولكن لنحترم الكتاب ونتلمس خشونة الصفحات، التي كانت مهاداً لما أنجبه فكر أقلام عملاقة، كتبت فأبدعت، وخاضت فتمخضت هذه الكتب، التي نرى منها ما يلهب عقولنا وما ينهب جيوبنا! لن أدعو أحداً لزيارة هذا المعرض، وقد كان الأحق أن يجد ما تلاقيه باقي المعارض، التي تقام وتجد من صنوف البشر الزاحفة ما يجعلنا نخجل أمام ثقافتنا الهزيلة، التي لا تجعلنا نطور من فكرنا ونجاري ما يحدث حولنا من أمور، تجبرنا أن نكون مثقفي الفكر واللسان.. فنحن أمة جاهلة حتى وإن شغلنا الإنترنت بالثقافة الإلكترونية، فالاستخدام السيئ بات يشكل لنا جهلاً رخيصاً لمن يعتبره صاحبه رُقياً!.. فبعد أن كنا نخلد إلى الفراش يصاحبنا الكتاب بسطوره، بات الآيباد رفيق اللحاف، والآيفون يرقد آمناً تحت المخدة! جاهلون؟.. نعم.. ويقولها غيرنا وهو يضحك غير مهتم.. بل إن القارئ اليوم يعتبره هؤلاء معقداً، ويصفونه أنه (زلمة) باعتبار أننا منذ أن كنا صغاراً ونحن نعتبر (إخواننا لشاميين) جادين مجتهدين، وألصقنا الكسل فينا على أنه شطارة والشقاوة شطانة! عزيزي القارئ: لست معقداً فاقرأ.. ولا تنس أن بداية هدايتنا كانت بكلمة (اقرأ) التي حولت محمداً العربي الجاهل إلى معلم وأستاذ هذه الأمة! فاصلة أخيرة: الخطوط الجوية القطرية.. لي ميعاد معك ِبإذن الله حيث يكون التحليق حراً مجانياً لا يخضع لسيطرة أحد.. انتظريني يوم الأحد!