17 سبتمبر 2025

تسجيل

سقوط الأحزاب العنصرية في الغرب والشرق

15 نوفمبر 2021

بعكس التوقعات التي نشرتها أغلب مراكز استطلاع الرأي الفرنسية فإن اليمين العنصري الذي تمثله (مارين لوبان) سقط في امتحان الانتخابات الإقليمية التي جرت منذ أشهر بينما فازت أحزاب اليمين الجمهوري المعتدل واليسار الوسطي و(مارين لوبان) هذه هي التي ورثت حزب الجبهة الوطنية وغيرت اسمه إلى (التجمع الوطني) عن والدها (جون ماري لوبان) ذلك الضابط المتقاعد الذي خدم ضمن الجيش الفرنسي الاستعماري في الجزائر برتبة ملازم ولازمته عقدة كراهية العرب والمسلمين منذ سنة 1957 حينما كان مكلفاً بإدارة سجن عسكري هناك وقص علينا في مذكراته كيف كان يتفنن في تعذيب المجاهدين الجزائريين وهو الذي قال في "مذكراته" إنه يتلذذ حين يتمنى أحد المجاهدين الموت على مواصلة التعذيب! مثله مثل الجنرال اللعين (ماسو) الذي ابتكر كذلك في حرب التحرير الجزائرية أساليب التعذيب الوحشية (التي نقلها عنه بتصرف بعض المستبدين الأفارقة بعد استقلال بلدانهم!) أما الهزيمة الثانية لليمين المتطرف فهي بروز (اريك زمور) لينافس لوبان ويدخل سباق الرئاسيات القادمة في شهر مايو 22 وهو كاتب عنصري من أصل يهود الجزائر وقد تجنس أبوه بالجنسية الفرنسية قبل خمسين عاما فقط ويحتوي برنامجه الانتخابي على جملة من القرارات وعد أن ينفذها ضد العرب والمسلمين منها منع أي مسلم فرنسي من تسمية ابنه (محمد)!!! ويشكل فرصة ذهبية مهداة من الأقدار للرئيس الحالي ماكرون لأن اليمين المتطرف انقسم إلى اثنين هذه فرنسا بدأت تستعيد عافيتها السياسية وتكذب توقعات مراكز سبر الآراء لأن أغلب هذه المراكز أكشاك مأجورة لمن يدفع أكثر تقوم لفائدته بتحويل وجهة الرأي العام نحو اختيار من تقدمه هذه المراكز المشبوهة "فائزا قبل التصويت" وفي الولايات المتحدة أيضا نتذكر السقوط "غير المتوقع" للمترشح لعهدة ثانية (ترامب) وهو الذي قالت عنه أشهر نساء الكونغرس رئيسته (نانسي بيلوسي) إنه يمثل الوجه القبيح للتقاليد الدستورية الأمريكية منذ جورج واشنطن (حوار مع قناة سي بي سي 13 يناير 2021) ونعته المفكر الأمريكي عالم الألسنيات (ناحوم شومسكي) بكونه رافع راية الفاشية المنافية للقيم الدستورية (واشنطن بوسط 27 ديسمبر 2020) وهو مثل الفرنسية (مارين لوبان) لم يتقبل الهزيمة، بل ارتكب أفدح خطأ شعبوي تمثل في غزوة مقر الكابيتول ليلة 3 يناير 2021 وله يد ودور في تلك الجريمة التي قتل فيها خمسة من مناصريه ورجل شرطة حسب تقرير اللجنة التشريعية التي أدانته سياسيا وأعفته قضائيا. ونأتي إلى سقوط العنصرية الفاشية الإسرائيلية المتمثلة في زعيم اليمين (ناتنياهو) الذي أفقده عدوانه الأخير على غزة منصبه كرئيس للحكومة وهو المنصب الذي تمسك به بالأيدي والأسنان مدة 12 سنة ليحصنه ضد الملاحقات القضائية التي تتابعه دون هوادة منذ 10 أعوام وهو كذلك لم يقبل الهزيمة مثل زميليه (لوبان) الفرنسية و(ترامب) الأمريكي، بل أرغى وأزبد ودعا أعضاء كتلته البرلمانية المتعصبة إلى إسقاط حكومة غريمه ومنافسه (نافتالي بينيت) الذي عين لتشكيل حكومة... لا تقل تطرفا عن التي انهارت ولكنها ربما اتعظت بدرس السقوط فاستنجدت بالكتلة العربية لاستكمال النصاب المطلوب! سلوك (ناتنياهو) الساقط ديمقراطيا لم يختلف عن ممارسات زميليه الآخرين أي التمرد على حكم الصناديق الاقتراعية وعدم الاعتراف بالهزيمة شأنه شأن كل فاشي. ونحن العرب لنا في بعض منظوماتنا السياسية نماذج للمتطرفين الذين لا يؤمنون بالديمقراطية التي يرفعونها شعارا شعبويا وينتهكونها واقعا معاشا. في سوريا 10 سنوات من حرب أهلية مدمرة لم تكف لإقناع بشار الأسد بمغادرة السلطة وترك أمر البلاد ومستقبلها لنخبة أخرى مختلفة عنه لعلها تنقذ ما تبقى من الشعب السوري المنكوب حسب إحصائيات أممية مستقلة تؤكد أن 300 ألف ضحية فقدوا حياتهم على مدى عقد وأن 5 ملايين سوري تشردوا في أرض الله منهم مليونان في تركيا وحدها وأن نصف مليون لاجئ تحت الخيام بعد أن كانوا آمنين في بلادهم أم العروبة وأيقونة التاريخ الإسلامي بدمشقها وأموييها ! لا شيء من الاعتبار بالمأساة بل تنظيم انتخابات رئاسية وتشريعية للأسد وحزبه أعطت (97 % للأسد ولا أحد!) مما جعل هذه المسرحية الانتخابية مهزلة العصر الحديث! وفي ليبيا تفاءل العالم بانتصار الديمقراطية بتطبيق بيان مؤتمر باريس (13 و14 نوفمبر الحالي) وقرار مؤتمر جنيف 20/1/ 2020 أي إفراز حكومة توافقية تتولى السلطة مؤقتا إلى غاية تاريخ 24 ديسمبر 2021 تحديد انتخابات شفافة ونزيهة بعد مرحلة من استقرار مؤسسات الدولة واستتباب الأمن في حين اتفق الجميع على إجلاء المرتزقة من ليبيا (آخرها مؤتمر باريس) وتسليط عقوبات على من يرفض الانتخابات أو لا يعترف بنتائجها تحت رقابة دولية وأممية وها نحن قلوبنا مع الشعب الليبي وهو يواجه النزعات المتطرفة العنيدة ضد إرادة ليبيا وإرادة المجتمع الدولي! نفس السلوك الفاشي المعطل للحريات ولإرادة الشعوب بتحريض يومي من جهات فاشية لا ترتاح للديمقراطية بل تساعد التمرد والمروق باستئجار بعض القنوات الفضائية ومراكز استطلاع الرأي المدلسة خدمة مجانية لمشروع تصفية القضية الفلسطينية بأداة صفقة القرن المقبورة!. [email protected]