17 سبتمبر 2025

تسجيل

شعر الحكمة عند العرب (2)

15 نوفمبر 2014

طلب الرشيد ذات يوم من الشاعر أبي العتاهية أن يعظه، فتردد أبو العتاهية وقال: أخافك، فقال له الرشيد: أنت آمن.. فأنشده أبو العتاهية قصيدته السينية التي مطلعها: أَفْنَى شَبابَكَ كَرُّ الطَّرفِ والنَّفَسِفالموتُ مُقْتَرِبٌ والدَّهرُ ذُو خُلَسِلا تَأْمَنِ الموتَ في طَرْفٍ ولا نَفَسِوإنْ تَمَنَّعْتَ بالحُجَّابِ والحَرَسِفما تَزالُ سِهامُ الموتِ نافِذَةًفي جَنْبِ مُدَّرِعٍ منها ومُتَّرِسِأَرَاكَ لستَ بِوَقَّافٍ ولا حَذِرٍكالحاطِبِ الخابِطِ الأَعوادَ في الغَلَسِتَرجُو النجاةَ ولم تَسلُكْ مسالِكَهاإن السفينةَ لا تَجري على اليَبَسِأَنَّى لَكَ الصَّحوُ ........................................ما بالُ دِينكَ تَرضَى أَنْ تُدَنِّسَهُوثَوبكَ الدَّهرَ مغسولٌ من الدَّنَسِ ولأبي العتاهية موقف مع المأمون مماثل لذلك الذي كان مع الرشيد، فلقد سأله المأمون أن ينشده أحسن ما قال في الموت، فأنشده أبو العتاهية قصيدته التي يقول فيها:أَنساكَ مَحيَاك المماتافطلبتَ في الدنيا الثباتاأَوَثقتَ بالدنيا وأنتَتَرى جماعتها شتاتايا من رأى أبويهِ فيمن قد رأى كانا فماتاهل فيهما لكَ عبرةٌأَمْ خلْتَ أنَّ لَكَ انفلاتا وننتقل عبر الزمان والقرون من زمن أبي العتاهية إلى زمن الشاعر محمود سامي البارودي الذي قال هذه القصيدة في الزهد والحكمة:كُلُّ حَيٍّ سيموتُليس في الدنيا ثُبوتُحَرَكاتٌ سوف تَفْنَىثم يَتلوها خُفُوتُوكلامٌ ليس يحلوبعدهُ إلاَّ السُّكوتُأَيها السادِرُ قُل ليأَيْنَ ذاكَ الجَبَروتُ..؟كُنتَ مطبوعاً على النُّطقِفما هذا الصُّموتُ ..؟ليتَ شِعري أَهُمودٌما أَراهُ أَمْ قُنوتُ..؟أَيْنَ أَملاكٌ لهم فيكُلِّ أُفْقٍ مَلَكوتُ..؟زالت التِّيجانُ عنهموَخَلَتْ تلك التُّخُوتُأَصْبَحَتْ أوطانُهم منبعدهم وهي خُبُوتُلا سميعٌ يفقهُ القَولَولا حَيُّ يَصُوتُعَمَرَتْ منهم قبورٌوَخَلَتْ منهم بيوتُلم تَذُدْ عنهم نُحوسُ الدَّهرِإذْ حانت بُخوتُخَمَدَتْ تلك المساعيوانْقَضَتْ تلك النُّعوتُإنّما الدنيا خَيالٌباطلٌ سوفَ يَفُوتُليس للإنسانِ فيهاغير تقوى اللهِ قُوتُوسلامتكم...