09 أكتوبر 2025
تسجيلبالرغم من الثورة التكنولوجية والمعرفية التي سيطرت على كل تفاصيل حياتنا، إلا إن إيماننا ببعض المعتقدات والخرافات التي لا تمت للدين الإسلامي الحنيف بصلة تبدو أحياناً مسيطرة علينا، فنحن نمارس بوعي أو ربما بدون وعي طقوساً موغلة في القدم وذات أصول وثنية، وإلا فلماذا نلجأ للأعشاب والمأكولات والخرز كنوع من الدفاع والحماية ضد الشرور الغيبية.. حيث يصر البعض على تعليق الخرزة الزرقاء أوالكف في بيته وسيارته. فيما يؤمن البعض الآخر بقدرة (الشبة والسويدة والحرمل) وكلها أعشاب ومكونات طبيعية على درء الحسد والعين، وتذبح بعض الشعوب شاة تحت قدم العروس قبل أن تطأ بيت عريسها. ولماذا يريق المرء دما حيوانيا عندما يسكن بيتا جديدا؟ ولماذا يتخوف ويتشكك إذا أصابه مكروه أو تعرضت سيارته الجديدة لحادث ويعود رأسا الى تفسير الكارثة على أنه لم (يذبح) ليبعد الشر والعين عن ممتلكاته؟ ولماذا الخوف مثلا من القطط السوداء والخفافيش وعدم قطع النباتات ليلا أو التخوف من وطأ أماكن نجسة؟ ولماذا تقديس بعض الأشجار والاعتقاد بكونها مباركة، ولا نزال في البلاد العربية نرى بعض السيارات وقد توشّمت بكلمات ورسوم ونقوش على شاكلة (يا ناس يا شر كفاية قر) أو (عين الحسود فيها عود) أوترى (الحروز واليامعات) قد تدلت من بعض النساء والأطفال في القرى والبوادي في محاولة ساذجة لإبعاد العين والشر. لقد بدأ الأنسان بعصر الصيد أو بمعنى اخر بدأ حياته مع الحيوان ولم يكن قادرا على فهم الكوارث الطبيعية من فيضانات وأعاصير تهدد وجوده، فراح يستخدم الجلود والعظام كرموز يعتقد أنها تدفع عنه الأذى وبعدما اكتشف الإنسان الزراعة اتجه الى التمائم النباتية المناسبة لهذا التحول. فالمخلوق البشري علق في البداية (التمائم) أو التعاويذ المصنوعة من طيور أو قرون حيوانات ثم صار يسلخ الجلود ليستخدمها كقرائن بعد أن اكتشف الذبح، ولا زال البعض منا يعلق القرائن (رؤوس غزلان أو ذيول بعض الحيوانات أو حدوة الحصان)، الذي بدأ كتعويذة ثم صار لدرء الحسد.. ولأن المخلوق البشري بقى خائفا من قوة مجهولة غيبية فقد ظل يدافع عن نفسه بشتى الطرق تارّة بشكل تعويذات صريحة وأحيانا مموّهة. والعرب كغيرهم من شعوب في تحولهم الى الزراعة والاستقرار تحولت اساطيرهم تدريجيا من الحيوان. الى النبات وتبعا لهذا التقديس للزرع فقد كان لأهل قريش شجرة ضخمة يقال لها "ذات أنواط" يحجون اليها ويعتكفون عندها ويذبحون تحتها، إلى أن جاء الاسلام وقضى على الكثير من هذه الخرافات والاعتقادات الوثنية، إلا أن بعضاً منها بالرغم من ذلك لا يزال يأبى أن يفارق عقولنا وقلوبنا.