15 سبتمبر 2025
تسجيلقبل أن تندلع الثورات العربية المباركة كشفت لنا قناة الجزيرة جزءاً من فضيحة كبرى قام بها الرئيس الفلسطيني محمود عباس بالإضافة إلى الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك عندما قامت القناة بالكشف عن سلسلة من الوثائق المسرّبة والمراسلات السريّة والتي تبيّن أن الرئيسين المذكورين "أعلاه" كانا على علم مسبق برغبة القوات الإسرائيلية في شنّ حرب على قطاع غزّة بل والأدهى والأمر من ذلك أنهما كانا يحرّضان ويؤيدان تلك الحرب وتوجيه إسرائيل لضربة موجعة لغزّة التي تسيطر عليها حركة حماس في دلالة واضحة على رغبة المدعوّين "أعلاه" في القضاء على أهل غزة وشعبها بالإضافة إلى القضاء على حركة حماس التي كانت ومازالت تشكّل شوكة في خاصرة بعض الزعماء العرب "الخونة" وحلفاؤهم بل وأسيادهم من الصهاينة أو الأمريكان. وقدّر الله تعالى أن تندلع الثورة في تونس وتتلاحق الأحداث والوقائع مما جعل اهتمام قناة الجزيرة والقنوات العربية الفضائية بشكل عام يتجه إلى "شمال إفريقيا" حيث تونس ومصر ثم ليبيا لمتابعة أحداث الثورات العربية هناك، مما جعلها تسلّط برامجها وتكثّف تقاريرها وتبعث مراسليها لتغطية تلك الأحداث المهمة في تاريخ الأمة العربية والإسلامية، فيما شكّلت تلك الأحداث فرصة للرئيس الفلسطيني محمود عباس وأتباعه للهروب من تلك الفضيحة الكبرى والخيانة العظمى لأبناء وطنهم وشعبهم فضلاً عن خيانة قضية فلسطين التي يزعمون بأنهم يحملون همّها ليلاً ونهاراً كلما سافروا من دولة لأخرى..لا لأجل "السياحة" والإقامة في فنادق "الخمس نجوم" أو استكشاف الكرة الأرضية بقاراتها الخمس ناهيك عن التمتع بإطالة فترة الحوار وعملية السلام لأطول فترة ممكنة حتى تستأنف عملية "بدل التمثيل" أقصد عملية "السلام" على العدو الصهيوني ومصافحته في كل فندق سواء في الولايات المتحدة الأمريكية أو في أوروبا "ذات الطبيعة الجميلة"!! نعم لقد انشغلت الشعوب والقنوات الفضائية بمتابعة أحداث الثورات العربية وما جرى فيها من أحداث دموية مؤلمة، وسرعان ما نسوا هذه الجريمة الكبرى في حق الشعبي الفلسطيني بشكل عام وشعب غزة بشكل خاص، عندما قام بخيانتهم والتواطؤ مع عدوّهم من أجل "تصفية حساباته" أو الخلاص من حركة حماس المعارضة لتوجهات ذلك الرئيس ولكثير من أعضاء منظمة التحرير الفلسطينية الذين ينتمون لحركة فتح أي "الحزب الواحد والرأي الواحد" ممن "فتحوا" قلوبهم قبل عقولهم للعدو الصهيوني وخدعونا بعملية السلام التي كانت عبارة عن سلسلة من الهزائم والانتكاسات والإهانات التي لحقت بالجانب الفلسطيني "الضعيف الهزيل الذليل" أمام الجانب الصهيوني "القوي المتجبّر المستكبّر" خاصة بعد أن ألغى الجانب الفلسطيني "الجهاد" من قاموسه بعد سنوات من عملية "الاستسلام" التي بدأها الرئيس الراحل ياسر عرفات والتي رسّخ فيها أولى مصطلحات التخاذل مثل "المقاومة" بدلاً من "الجهاد" وأزعجنا فيها بعبارات الهزيمة المتكررة مثل مقولته "السلام هو الخيار الاستراتيجي والوحيد للشعب الفلسطيني!!" فمن الذي جعله هو الخيار الوحيد أمام عدوٍ مجرمٍ مغتصب للأرض؟! فمن هنا بدأت عملية "التخدير" في جسد الأمة العربية والإسلامية "المريض" من خلال "تطعيمه" بفيروسات وجراثيم حتى تصبح لدى هذا الجسد المريض مناعة لا لمقاومة الأمراض وإنما لقبول المزيد من الأوبئة والسرطانات، ولعلنا نذكر جيداً كيف قام ياسر عرفات كذلك بإزعاجنا بمقولة "منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني!!" في دلالة أخرى إلى ذلك الاتجاه العام الذي يريدون إملاءه على الشعب الفلسطيني وعلى الأمة بضرورة الرضوخ والخضوع والاستسلام للرأي الذي تقوله هذه المنظمة وبالتالي قبول أي معاهدات "هزيمة" واتفاقيات "استسلام" مع العدو الصهيوني. ولم يكتف الرئيس محمود عباس بتعاونه مع الصهاينة والرئيس المصري المخلوع حسني مبارك في القضاء على أهل غزّة قبل وأثناء الحرب عليها على مستوى التخطيط "العسكري"، وإنما كان تعاونه "الميداني" وكانت توجيهاته عاملاً مساعداً في معرفة الكثير من مواقع حماس وأعضائها التي استهدفتهم إسرائيل فضلاً عن تعاون "شريكه" في تلك الجريمة "حسني مبارك" بقطع الإمدادات الصحيّة والغذائية وردم الأنفاق السريّة بين غزة والأراضي المصرية التي كانت بمثابة "شريان حياة" لقطاع غزة، حيث تفنن المذكورين "أعلاه" في عزل قطاع غزّة حتى قاموا بتسريب الغاز في الأنفاق لـ "خنق" كل منفذ أو مخرج لقطاع غزة.. كل ذلك من أجل أن تنفرد سيّدتهم العظمى "إسرائيل" بضحاياها في هدوء تام. ويأبى محمود عباس إلا أن يفضح نفسه مجدداً بعد أن نسي الكثيرون تلك الخيانات السابقة ليعود إلينا مجدداً بتصريحات بائسة وتعيسة أخرى فيقول بأنه لن يسمح بإقامة انتفاضة فلسطينية ثالثة ويقول إن فلسطين في "نظره" هي حدود سنة 1967م أي أنه بذلك يتنازل عن أرض فلسطين ما قبل سنة 1948م وكأنه بتلك التصريحات يردد مقولة فرعون "ما أريكم إلا ما أرى" ليعود مرة أخرى إلى طريق الذل والهزيمة الذي مشى هو وأتباعه فيه من قبل، ومن الطبيعي أن نعارض هذه الأقوال والأعمال لهذا الرجل وزمرته والتي يرفضها الشرع والدين ويستنكرها عموم الأمة العربية والإسلامية، ففلسطين ليست ملكاً لهذا الرجل ولا لياسر عرفات من قبله حتى يقرروا هزيمة شعبهم والتنازل عن أرضهم للصهاينة، ففلسطين أرض الجهاد إلى يوم القيامة فليست ملكاً لهؤلاء بل وليست ملكاً للفلسطينيين أنفسهم، فالقدس الشريف أولى القبلتين ومسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم وثالث الحرمين وهي أرض الأنبياء ومهبط الرسالات والتي بارك الله فيها ومن حولها فليس من حق أي زعيم "مهزوم" أن يسقط فريضة الجهاد أو يتنازل عن شبر من أرض الإسلام. كان حريّاً بقناة الجزيرة أن تعاود فتح تلك الفضائح من جديد خاصة بعد أن هدأت وقائع الأحداث في تونس ومصر وليبيا واليمن، بدلاً من أن تفتح لنا قضايا لا تهمّ الأمة كقضية وفاة ياسر عرفات وأسرار وفاته، فشأن الأمة أهم من نهاية زعيم راحل، والوقوف على أسباب الهزيمة أهم من متابعة "سبق إعلامي" تنفرد به الجزيرة أو غيرها، فيجب على الإعلام أن يثور على واقعه القديم كما ثارت الشعوب على واقعها المؤلم وأن ينهض الإعلام ليكون عوناً للشعوب في تحقيق النصر لا لترسيخ الهزيمة أو الستر والتستر على الخونة من حكّام العرب والمسلمين.