10 سبتمبر 2025
تسجيلإن العديد من الكوارث النفسية التي بدت واضحة في الظهور بالآونة الأخيرة، هي من فهم خاطئ للنفس ولطبيعة احتياجها، إننا أصبحنا أكثر بعدا عن زرع القيم التي تؤدي بدورها إلى سلوكيات قويمة، وكل ما نعمل عليه هو تعديل سلوكي ظاهري، يتحطم أمام معتقد هش أو قيم بالية. القيم في ذواتها لا شيء إن لم تفهم بقدرها، ولم تغرس بصحتها القويمة. إن ما ينشأ عليه أجيالنا اليوم هو أننا خرجنا ووجدنا الألوان كما هي والأشكال كما علمونا، فبدونا نعلمهم بنفس ما تعلمنا، وهم يتلقون كما تلقينا تماماً، وليس لتغيير الزمان دور فيما نقوم! لكن، هل فكرنا يوماً لماذا يبدو الأحمر بهذا اللون؟ ولماذا المثلث له ثلاثة أضلاع؟ هل فكرنا لحظة أن نحدث طفلاً قبل ذهابه للنوم عن سبب كونه ينام كل يوم؟ هل فكرنا أن نجيب على سؤال طفل..لماذا أغسل أسناني كل مساء؟ لماذا لا نطلق العنان لكل ما يدور في الأذهان وما لا يدور؟ لماذا نطرح أسئلة ليس لها إجابات واضحة!؟ ولماذا نعطي جملا غير مكتملة لأطفالنا وننتظر أن يفهموا ما لم نفهمه نحن. دعونا ننطلق من حدود السطحية المجتمعية إلى الفهم العميق لتوابع الأمور. ولا نربي وننشأ على الشكل الذي وجدنا عليه. وربما كان يومها جيداَ، ولكن اليوم هو كارثي. إن اليوم في عالم الانفتاح والعولمة اللانهائية أصبح دورنا البحث ثم البحث اللامحدود. إننا نضيع القيم رغبة في الحفاظ على معتقدات. ونركض وراء بناء سلوك قويم في وضع لا يوجد به قيم راسخة ولا معروف سبب نشأتها! وإن الخلل الواقع بين الذات المدركة والذات المثالية، هي سبب في صراعات كثيرة تحدث داخل الفرد، وفي مجتمعاتنا يوجد عوامل تربوية كثيرة تدعم هذا الصراع. وبشكل عام إن التركيز على السلوك هو تركيز مؤقت يزول بزوال عوامل التغيير، لذلك إن النماذج التي تبعد كل البعد عن السلوك والتركيز على التجارب ورؤية الفرد لنفسه هي الأقوى والأبقى. ولا ننسى أن العديد من الاضطرابات هي نتاج فشل في تحمل مسؤولية أو خلل في القدرة على تحقيق الذات، إن هذه العوامل هي من أكثر العوامل قوة في دفع الفرد على الانجراف للهاوية، والتي بدورها تكون السبب في العديد من المشاكل التي يصنعها المجتمع، ويكون هو الجاني الأول ونبحث بعدها عن مجرم بلا جريمة، ونترك الجريمة بحلة تبدوا أنها فضيلة!