11 سبتمبر 2025
تسجيلقررت أن تختار في عمر لم يكن يسمح لها بذلك. أنهت مرحلة وجاء الوقت لتختار، وكأي فتاة حينما يُطرق الباب تفتح، لم تمتلك أي مهارات تؤهلها لمعرفة أي نوع من الأبواب يناسبها. لم يكن اختيارها يحمل نوعا من التوافق الاجتماعي، وهذا ما جعل أمامها فجوة كبرى تراها كل يوم تزداد. فجوة تعيدها كل يوم باحثة عن ذاتها التي تشعر بأنها مفقودة في زحام الحياة الصاخبة بأشياء ليس لها رغبة بها. وبقدر ما كانت تفقد أهمية المحور الاجتماعي وأنه كفيل بأن يحطم علاقات بين طرفين، وأن يقتل شجرة الود. وعلى الرغم من وجود التوافق النفسي بشكل كبير وأن هناك تفاصيل كانت تشبهها وبقوة، إلا أنها كانت تشعر بالغرق إلى حد أنها لا تستطيع أن تخرج أنفاسها في كثير من الأحيان. وحينما كانت تحاول الاقتراب وتجاهل الصعوبات التي تظن أن الزمان قادر على محوها، تجد أن كل العوامل الأخرى تنفرها بشكل يجعلها تبغض الشيء ذاته، الذي كان اختيارها. أو ربما لم يكن لديها صورة مكتملة وناضجة وكانت تظن أنه اختيارها. لم يكن هناك تشابه في شيء سوى ذاك الامتزاج الوحيد بروحها. كان الصراع بين السير وتجنب كل ما هو كائن، أو البحث عن تلك العوامل الأخرى التي في نظرها هي مكتملة. في المرة الثانية، اقتربت من عوامل أخرى وشعرت بأنها امتلكت القرار الذي يجعلها تبحث عن البيئة التي تناسبها بشكل أكثر مما كان عليه الاختيار السابق، كان قرار البحث ينصب نحو الجانب الاجتماعي والثقافي، ربما فكرت التنازل عن نفسها بشكل جزئي شيئا فشيئا! حينما قررت الانفصال عن تجربتها كان صوت داخلها يؤلم، وكانت مؤمنة به إلى درجة لم يعد بداخلها رغبة في السؤال عن ذاك الشريك الجديد، إنه شريك له سمعة طيبة، وأدركت جيداً أنه سيمنح لها العديد من الإيجابيات. بحثت عن التوافق بشكل كبير، وحينما اقتربت أكثر، وجدت أنها تواجه بنفسها قرار التخلي عن الجانب النفسي، بوضوح وأنها في منتصف الطريق، لا يمكنها الإقدام، حتى وإن كان هناك بعض الصراعات، وأن الصورة الخارجية لا تكفي بمفردها للاستمرار. مضت أعوام وأعوام تحاول البحث عن ذاتها، وخلال هذه الأعوام ظل الشريك عابث الوجه طيلة مشوارهما. كلما اقتربت كان يبتعد، وكلما فشلت كانت تظن أنها بحاجة لأن تعطيه من وقتها أكثر، طالما كانت تسند الفشل والقصور لها. لم تحمله يوماً الذنب. وكانت تشعر أن ثمة شيء لا يليق بها. حتى آن وقت كسر القيود التي كتفتها وأن تنطلق متجهة للشيء الذي امتزج بروحها وامتلأ بكل معاني الحب والرغبة والشغف. ووجدت أنها باتت تجد في ذاتها النضوج الكافي للقرار. وقد حان الوقت لتجنيب المعايير المادية التي يمكن لها أن تكون قيد لمشوار كان السير فيه شاق. في الاختيار الثالث، أيقنت أن الارتباط هو قرار لابد أن يستند إلى أبعاد عدة وكل منا عليه المفاوضة أي العوامل لها نسبة أهم له هو فقط. ولكننا نخطئ حينما ننحي بعض العوامل المهمة بشكل كامل. فكان لهذا القرار الدراسة الكاملة، ومع امتلاك الوعي الذي جعلها تفاوض وتقارن. فكان التفكير بالبعد العقلي النفسي، والاجتماعي، والعاطفي، وذاك الشكل الخارجي، ووضعت البعد الديني بالشكل الذي يليق بها دون الخلل بأساسه المرهون والمشروط. وكان المنطلق الذي وجدت فيه ذاتها. ووجدت أن الشريك قد عرفها حتى أنها باتت تنتظر أن يأتي، ووقت غيابه تفكر كيف تنمي نفسها كي تليق به، وأصبح الغد له صورة مكتملة، وأصبح لديها رغبة بالسير والعطاء. وقتها قررت أن حقيقة اختيارها الأخير بذات المجال التي قررت أن يكون هو مجالها والذي رغبت فيه حقاً وأن اختيارها وإن جاء بعد تغيرات عدة، فهذه القوة الحقيقية التي تمنت أن يمتلكها كل شخص قبل أن يفوته القطار، قطار العلم يستحق أن يأخذ منا قدرا من التفكر والتمعن، امنحوا الفرصة لذواتكم ولأبنائكم أن يكون القرار لهم، علموهم أن القرار يؤخذ بناء على عوامل عدة، وأن الوسط المحيط بِنَا ليس له الحق في أن يفرض علينا الشيء الذي يرغبه.