11 سبتمبر 2025
تسجيلالحق سبحانه وتعالى خلق الإنسان واستخلفه في الأرض يكد ويعمل فيها سعيا لتعميرها مما يلزم على الإنسان الاهتمام بالوقت والاستفادة من الزمن حتى لا يضيع عمره هباء منثورا، فقد جعل للإنسان وقتا محددا وعمرا معدودا وحثه على أن يستغل أوقات عمره في طاعة الله تعالى وتنفيذ شرعه، وإن في انقضاء الأيام ومرور الأعوام عبرة للإنسان بأن هذه الدار فانية وأنها سريعة الانقضاء وقريبة الزوال، فعلينا أن نبادر بالأعمال الصالحة قبل فوات الأوان وأن نحذر التسويف حتى لا يكون ندما وخسرانا في يوم لا ينفع فيه مال ولابنون إلا من أتى الله بقلب سليم, فأيام الله تعالى دول، وها نحن بين طيات الزمن الذي يمر مر السحاب، وهذه نهاية عام وبداية عام جديد والإنسان بين ذكريات وذكريات، ولكن هل أدرك المسلم قيمة أوقاته وأيامه؟ أما إنها أيام تمر وسنوات تعد ولا ندري أنعد الأيام أم الأيام هي التي تعدنا الوقت من أجل نعم الله على الإنسان فهو عمره بأيامه وسنواته، وهو رأس المال الذي قد يؤدي به إما إلى الربح أو إلى الخسارة ويبادرني سؤال مهم، لماذا يجهل المسلم التاريخ الهجري؟ علما بأنه له ارتباط وثيق بالعبادات، حيث إننا نصوم منه شهرا ونحج في شهر آخر، وللمسلم فيه ذكريات وعبر وأيام مباركة وتظلنا خلاله مناسبات دينية عظيمة، وفي مثل هذه الأيام يتذكر المسلم هجرة النبي صلى الله عليه وسلم، ولا شك أنها تمثل مرحلة مهمة وخطيرة في حياة الدولة الإسلامية، ونحن نغتنم مثل هذه المناسبات لنقف من خلالها على أهم الدروس المستفادة، وذلك لأن الله لم يشرع أو يأمر بشيء لينتهي بانتهاء وقته، فسبحانه وتعالى يسوق إلينا الأمور لنقف عندها ونتدبر في أسرارها ومعانيها ولنستفيد من كل الجوانب العطرة في السيرة النبوية الشريفة.ففي أيام الهجرة ذكريات لا يمل حديثها ولا تسأم الآذان من سماعها، بل ترتاح النفوس وتطمئن القلوب عندما تعي بكل حكمة وتدبر خطوات الحبيب في سبيل بناء أمة تكون لها الريادة بما تكتسب من إيمان راسخ وعقيدة سليمة، لذا فقد تحلو ذكريات السيرة العطرة إذا أعيدت وتكررت كما يحلو مذاق الشهد وهو يكرر، فإنها متعلقة بحياة محمد صلى الله عليه وسلم إمام البشرية وسيد ولد آدم فهي من الذكريات الغالية التي تتجدد آثارها وعظمتها كلما سلك المرء سبيله إلى الاعتبار والتذكر والعبد المؤمن، إذ يغشى معالم سيرته، فهو كعابد يغشى مصلاه، ومن حسن حظ المؤمن أنه ما قلب سيرة المصطفى يوما فأخطأ دمع العين مجراه وفي أيام النبي صلى الله عليه وسلم الجليلة تتألق غرة الزمان ولعل من أسطعها وأروعها هجرة المصطفى الذي تهب علينا نسمات ذكراها في كل عام من أعوام الزمن، ومن شواهد عظم حادث الهجرة أنه يزداد بهاء وسناء كلما تناوله المتحدثون بالحديث والكتاب بالكتابة، فهجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم كانت فاتحة الأمل وبارقة النصر له ولأمته، فمنها يستقي المسلم بعض الدروس التي يستفيد منها في حياته فيستمد منها القيم والمثل العليا والآفاق التربوية التي تكون نورا يضيء له طريقه ومعبرا يوصله للجنة يقول الله تعالى (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا) الأحزاب :21، فمع مدرسة الحبيب صلى الله عليه وسلم لنتعلم القيم والمثل والأسس السليمة التي قام عليها بناء المجتمع الإسلامي الذي استطاع أن ينير مشارق الأرض ومغاربها، وذلك من خلال هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم وحسن التوكل على الله يقول الله تعالى: (وعلى الله فليتوكل المؤمنون) آل عمران: 122 النبي صلى الله عليه وسلم ينشر النور في بقاع مكة وأرجائها ويبلغ رسالة ربه وقريش لم تزداد إلا عنادا وهجرا فيترصدون للمسلمين الضعفاء وينزلون بهم أشد انواع العذاب ونفس الحبيب تتقطع ألما على أصحابه، وتأتي اللحظات الحاسمة وينطلق لسانه إليهم بالفرار بدينهم إلى أرضا يأمنون فيها، بعد ان أعد لهم جوا مناسبا في يثرب ونجحت دعوة الإسلام في تأسيس موطن آمن لهم، فيقول لهم إن الله عز وجل جعل لكم إخوانا ودارا تأمنون بها فينطلق الصحابة رضوان الله عليهم، ممتثلين أمر النبي صلى الله عليه وسلم، متوكلين على الله عز وجل تاركين بيوتهم وأموالهم وأهليهم فرارا بدينهم، فهم على استعداد لبيع الغالي والنفيس تلبية لنداء العقيدة يحسنون العمل متوكلين على ربهم يسيرون على نهج نبيهم يرجون من ربهم الرحمة في الآخرة والتوفيق في الدنيا، فكانوا خير الشعوب وكانت الأمة هي خير الأمم بما تتحلى به من أخلاق وقيم فيدخل الناس في دين أفواجا.