19 سبتمبر 2025
تسجيلسيظل اسم جاسم زيني علامة فارقة في تاريخ الفن بشكل عام.. والفن التشكيلي في قطر بشكل خاص.. فلقد استطاع – رحمة الله عليه – أن يصبح بموهبته الفطرية وعطائه الفني – رمزاً من رموز ثقافة مجتمعه بما قدمه من عطاء ثقافي فياض متواصل من خلال البيئة التي تأثر بها وأثرت فيه حتى كان من أوائل الذين ابتعثوا لدراسة الفنون في الخارج.. فمنذ اكتشاف موهبة الابتكار لديه أرسلته الدولة للدراسة في الخارج.. ورغم أنه ابتعث في البداية لدراسة القانون في مصر إلا أنه عدل عن تلك الدراسة بعد أن أمضى بها عامين متجهاً إلى دراسة الفنون التشكيلية ليحصل على البكالوريوس عام 1968م، وليصبح أول من يحصل على درجة علمية عالية في هذا التخصص اعترافاً من دولة قطر بأهمية وضرورة الفن التشكيلي كرافد من روافد بناء النهضة فيها. جاسم زيني تأثر كما ذكرت بالبيئة.. فقد كان والده محمد زيني فنانا قطريا متنوع الحرفية وكان نابغاً في إنتاج الحرف المتنوعة سواء في الحفر أو الأزياء أو الزخرفة وغيرها مما جعل جاسم الابن يتأثر بما يراه في محيطه من أعمال والده.. وحينما كبر ودرس وتعمق في مدارس الفنون التشكيلية المختلفة بات يرسم ويعبر ويصمم.. فأصبحت له لمساته الفنية، وكان الإنسان هو محور فكرته في كل تعبير سواء من خلال التراث الإنساني أو العلاقات والتقاليد والعادات الاجتماعية حتى أصبح جاسم رائداً في الفن التشكيلي بمراحله الثلاث التعبيرية التي مر بها سواء كانت – وعلى حد ما كتبه الدكتور علي المليجي والفنان الكبير يوسف أحمد – الواقعية التسجيلية التي تمثلت في إنتاجه عبر تخرجه من أكاديمية الفنون أو الواقعية التعبيرية كفترة امتداد للفترة الأولى، والتي أنتجت العديد من اللوحات كـ"ملامح قطرية.. اكتشاف" ثم للنساء فقط.. والنارجيلة.. إلى وصوله لمرحلة الرمزية التعبيرية "المفسدون في الأرض" على سبيل المثال.. إلى أن جاءت مرحلة الفن الخالص التي قدم فيها العديد من اللوحات منها "شباك وسمك"، "شهية القط المالح"، "صرح حضاري".. إلخ. الحديث عن الفنان جاسم زيني يحتاج إلى كتب وليس مجرد سطور.. وما أتمناه أن يكون باسم هذا الفنان الرائد جائزة سنوية في الفنون التشكيلية أو إطلاق اسمه على أحد شوارع الدوحة، ورحمة الله على هذا الفنان الحاضر الغائب الذي استلهم بيئته ومحيطه فقدمه كأحسن ما يكون من خلال رؤاه الإبداعية.