12 سبتمبر 2025
تسجيلإذا كُنَّا في غالبية الدُّول العربية قد تجاوزنا الفقرَ، وما يصاحبه من أمراض وترهّل اجتماعي، فلجهود القطاع الخيري والإغاثي بصمة خاصة، أوجدت بارقة أمل، وسط كومة من الفشل العربي الجماعي المتكرر، ولمَّا كان للعمل الخيري صولات وجولات ساهمت في تدوير عجلة الحياة، أضحى هذا القطاع اليوم يسمى بالقطاع الثالث، وقد تمكن فعلا من رسم صور جميلة لتنمية الإنسان، تجاوزت في أبعادها كل الفروق الدينية واللغوية والعرقية، وبلا شك، كانت ولا تزال المؤسسات الخيرية القطرية في طليعة المنظمات الدولية، ما أعطى قطر مكانةً مرموقةً على خريطة العمل الإغاثي الدولي، فهل نستحضر اليوم التحديات التي تصاحب انخراط الجهود القطرية الإنسانية، في الاستجابة لأهداف الألفية الإنمائية؟ وكيف يمكننا من خلال التراكمات السابقة، ضمانُ الاستدامة لعديد المشاريع النوعية التي انطلقت من قطر؟ وقد وضعت أهداف الألفية الإنمائية كل العاملين في الحقل الإنساني في دولة قطر أمام تحدٍّ كبير ثنائي الأبعاد، حيث البعد الأول يتمثل في تعزيز دور قطر الإقليمي والدولي ومساهمتها الفاعلة في تحقيق الأمن والسلم العالميين، من خلال مبادرات سياسية ومعونات تنموية وإنسانية (اتفاق دارفور أُنموذجاً) ،أما البعد الثاني فهو كيفية ضمان استمرار هذه المبادرات مع تكثيف وتعزيز ودعم الحوار الحضاري من أجل التعايش، في عهد توترات إقليمية ودولية مختلفة، بما يحفظ المكانة الإقليمية والدولية التي وصلتها قطر بفضل سياستها الخارجية و سواعدها الإنمائية، وإنني كمتابع لهذا الشأن لأشعر بالفخر، مثلي مثل كل من ينتمي إلى هذا الوطن مواطنا كان أو مقيما، لماَّ أجد كبريات المؤسسات الدولية، تضع كامل ثقتها، وتحوِّل كل إسهاماتها مادية كانت أو عينية، في بعض المناطق بالعالم إلى المكاتب الإقليمية والدولية لأيقونة المؤسسات الخيرية "قطر الخيرية "، كما هو دأب منظمة الفاو في عديد العواصم الافريقية( للمثال لا للحصر). إن إشراف مؤسسة قطر الخيرية أو صندوق قطر للتنمية أو الهلال الأحمر القطري اليوم، على مبادرة لدعم مختلف الهيئات الفاعلة في المجال الخيري، باستحداث مركز متخصص، ينتقل بكل من ينضم إليه من العمل بالدافعية، إلى العمل المؤسسي المستدام، ضرورةٌ ملحّة تتوج خبرات ذات مستوى عالمي، تزخر بها هذه الهيئات، وتلبي احتياجا إقليميا ودوليا متزايدا، فالمأسسة هي صمام الأمان الوحيد الضامن لاستمرار الهيئات الطوعية في تأدية رسالتها الإنسانية بعيدا عن الحسابات السياسية والأيديولوجية التي يحاول عديد المتربصين زجها بها. إن استدامة المشاريع هاجس دولي تتشارك فيه الحكومات والهيئات والجمعيات وكل من يملك مشروعا، لذا فإن حسن التصويب والاختيار الذي يرافقه إطار تنفيذي، ينطلق من رصد علمي لاحتياجات الناس، سيسمح لا محالة بتبني سبل تجويد الأثر التنموي" في مجتمعات مختارة وقطاعات مستهدفة ". ولعلَّ هذا السعي سيوجد إضافةً حقيقيةً لدى الهيئات الطوعية خاصة إذا ما وضعت استراتيجيات خاصة بالمناطق ذات الاحتياج الكبير، مع تطوير استراتيجية مشتركة، تسمح ببلورة هذه الخطط والبرامج باستجابات نموذجية، مصوبة تصويبا حصيفا يتحول الى أدلة إرشادية تسهم في الجسم المعرفي للهيئات الطوعية والإنسانية.