12 سبتمبر 2025
تسجيلهم بيننا شخصيات تتميز بالهدوء في الغالب وهم أكثر الأشخاص إنجازا ولا ينتظرون تقديرا ولا يسعون للفت الانتباه، بل ترى انجازاتهم تتقدمهم فهم دائما خلف صفوف الأوائل، والفائزون في الجوائز والمنافسات والبطولات والميداليات، مهتمون بالإنجازات لا الأوسمة، أو المكافآت، حتى عطاءاتهم اللامحدودة المخفية لا تتوج بالذهب، أو الشهادات. هل يجب أن يكون دورنا في الحياة العامة والخاصة، والحياة المهنية والأسرية، ومجالات العمل والانجاز، دور الجندي المجهول؟ وأن نكون في الصفوف الثانية والصفوف الخلفية أو المخفية، وأن نعطي بكل حب وتفان، وكأن العطاء جزء لا ينفك عن أرواحنا، وكأنه مسلمات ومتلازم بشخصياتنا دون أن تبرز أسماؤنا، أو يشار لها بالبنان، أو حتى نحاول. ونأتي على الحقوق، فينظرون لها «الجنود المجهولون» من باب عدم الاستحقاق وأنهم ملتزمون فقط في اثبات أن عليهم الإنجاز والنتيجة النهائية ولا يهم من يكون صاحب الشهادة أو الميدالية، لأن همهم وطنهم، همهم مكان عملهم، همهم الأكبر أبناؤهم، فيعملون في الخفاء يكافحون ويسهرون الليل وكل جهودهم تكون كالشمس، وفي النهاية كل هذا الإنجاز يذهب للآخرين، ولكن قناعاتهم داخلية فهم فازوا مرتين في العطاء والتفاني والابداع، وأنهم حققوا هذا الإنجاز مهما كان. تحدثنا عن الجندي المجهول من جانب إيجابي، ولكن هذه السمة غير حميدة أحيانا لأن هذا الشخص تحديدا يتنازل عن مكانة يستحقها، وموقع أفضل من كونه خلف الكواليس وأنه يعمل بصمت بدون التفات أو تقدير، وألا يتم تكريمه وتحفيزه وتشجيعه، بل على كاهله حملان حمل همه، وهم الآخرين وانجازاتهم، فتراه يعطي بلا هوادة أو توقف، ينبض بالحياة والإبداع والتميز، ولكن مع مرور الأيام يتحول هذا العطاء إلى نقمة، يكتشفها بعد فوات الأوان، أو يتوقف تقدمه عند نقطة محددة، وعندما يطالب بالقليل الذي يستحقه، ينظر إليه نظرة دونية لا تقدره أبدا، ومن ثم يدخل في دائرة الإحباط، لأنه أساسا لم يقدر أو يعط عطاءاته قيمتها الحقيقية. جميل أن يكون الانسان ذا همة وعطاء، ولكن الخيار لك أنت، بأن ينظر إلى احتراقك، ويجب ألا تسمح لذلك الدخان في تذويب أي ذرة بداخلك، فلا تجعل نفسك إلا ذا حظ وقيمة عظيمة، أعط حقك حقه. آخر كلام: أيها المسؤولون، المربون، مهما كانت مكانتكم في الحياة أو المجتمع، عليكم أن تلتفتوا خلف أسباب النجاح أو الجهود التي حولكم والإنجازات بعين العدل والمساواة، الجنود المجهولون غالبهم أصحاب تخطيط وتدبير ومبادرات، وهم من يعتدون بالعدة ويخططون لأجل نجاح الجميع لا نجاحاتهم، فهم لا يسعون خلف الكراسي والمناصب، فقط ينبضون بحب الوطن وأسمى غايات البذل والعطاء، قدروهم قبل أن تنطفئ شعلتهم أو رحيلهم.