11 سبتمبر 2025
تسجيلانتشر في الآونة الأخيرة مصطلح تساءلت حوله كثيرا هو ارتفاع سقف الثقة عند البعض “الاستحقاق العالي» لدرجة أنهم يتناسون أنفسهم وينظرون للآخرين بنظرة دونية ويتعاملون باستحقار بعيدا عن الاستحقاق الحقيقي للذات، والتوازن الواجب عليهم اتباعه مع النفس حتى لا تفقد هويتها وصوابها، لتأخذهم مع الوقت إلى منحنى آخر بعيد كل البعد عن المصداقية مع الذات، وتهذيب النفس المطلوب، حتى أصيبوا بهوس أو داء الاستحقاق العالي. مواقع التواصل الاجتماعي ساهمت بشكل كبير في السنوات الأخيرة في نشر الكثير من المصطلحات التي تدس السم في العسل، وتلاقي شعبية وقبولا بين الناس، لأن خارجها صحيح ولا تقبل النقد، ولكن عندما نغوص في غمارها نكتشف أننا وقعنا بأضحل نقطة مع ذواتنا التي لا تشبع من تلكم الكلمات، لأنها تغذي جوانب مخفية من العجب والغرور واللامبالاة، والتي تحتاج لمراقبة منا وتهذيب. الاستخدام الخاطئ للكثير من المصطلحات أنتج أو خلق شكلا جديدا من الشخصيات القوية خارجيا والضعيفة من الداخل، والتي ترفع سقف استحقاقها بشكل مبالغ، ليطغى ذاك الجانب ويؤذي الآخرين بشكل أو بآخر، فهذا الاغتراب عن الذات جاء بشكل ممنهج، فغرق البعض بافتخار في ذواتهم، وقاموا بصنع أمور مخزية ومشوهة، لهم أصوات عالية وبلا هُوية، وتصرفوا بخزي كما نراهم من خلال بعض القنوات في مواقع التواصل الاجتماعي، وتمرد الكثير منهم على الأعراف والتقاليد وخلقوا هالة مشوهة من الدين التي ستسقط عندما يدركون معنى هذه الآية الكريمة «لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا». الحياة لا تطلب منا كل هذا الانسلاخ الأخلاقي، ورفع قيمة واهية للذات، والسعي خلف كل مصطلح يظهر في الساحة العامة حتى نظهر بصورة حداثية، متطورة، تهاجم الجميع إلا هذه النفس لا نقف وقفة حقيقة أمامها، لنكتشف عندما نغوص في الأعماق أن هناك الكثير من الإخفاقات والخلل النفسي الذي بحاجة إلى العلاج والمجاهدة، والثبات وهو صنيعة أعمال مستمرة وهداية من الله لردع هذه النفس عن السوء والعجب والتكبر. وهنا تفسير لهذه الآية العظيمة من سورة الإنسان: «هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا»، الله يخبر الإنسان بأنه مضى عليه حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكوراً، أي: قبل خلقه، قبل خلق جنس الآدميين كانوا في عالم العدم، لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا، وقبل خلق الإنسان المعين، يقول: أنت أيها المخلوق، أيها الإنسان المتكبر، لماذا تتكبر وقد كنت لا شيء؟! لم تكن شيئاً يذكر ثم صارت حولك هالة، وصرت تعظم نفسك، وتريد من الناس أن يعظموك، وأن يقوموا لك في المجالس، وأن تخضع لك نفوسهم، وتذل رقابهم، لماذا هذا كله وأنت لم تكن شيئاً يُعبأ به أو يُكترث به أو يذكر؟!.