14 سبتمبر 2025
تسجيلصرح الناطق الرسمي باسم البيت الأبيض وزميله الناطق باسم الخارجية الامريكية بأن الولايات المتحدة سعيدة بنجاح الوساطة القطرية في وضع القطار التشادي على سكة الحلول السلمية بتنظيم محكم لمفاوضات عسيرة بين مختلف الفصائل التشادية التي تصارعت منذ أكثر من ثلث قرن وغرقت بلادهم بسبب هذه الحروب الأهلية الطويلة في لجج الأزمات الأمنية والاقتصادية والصحية وظلت تشاد طوال هذه العقود الثلاثة مشلولة ومستهدفة من كل القوى الإقليمية والعالمية التي لا تخدم سوى مصالحها بإذكاء الصراعات ومنع التشاديين من الجلوس حول طاولة التوافق ورحبت أيضا بجهود قطر كل من الأمم المتحدة ومنظمة الوحدة الإفريقية وكل الفصائل المشاركة في مفاوضات الدوحة ولا يخفى على الرأي العام الدولي ما عانته القارة الإفريقية بأسرها من تداعيات حروب متلاحقة وعبثية تندلع في قلب القارة السمراء وتبث فيها فوضاها وتعطل تنميتها وتفاقم هجرات شبابها إلى اليوم الذي قررت الدبلوماسية القطرية فيه أن تضع على ذمة الأشقاء التشاديين وساطتها الخيرة والتي أثبتت نجاعتها منذ سنوات في حل معضلات أعسر وأخطر آخرها معضلة الحرب الأمريكية الأفغانية التي وجدت نهايتها في الدوحة باتفاق الطرفين على مسار يرضيهما ويضع حدا لحرب دامت 20 عاما ومات فيها مئات الآلاف من الجانبين واستنزفت مليارات الدولارات من خزينة الأمة الأمريكية. واليوم وبجهود صاحب السمو أمير قطر تمكن التشاديون من إنهاء صراع طويل كما قال الأمير في خطابه التاريخي بقمة جدة وفي خطابه على منبر الأمم المتحدة وهو الزعيم العربي الذي لا يخلف وعده. صحيح أن مشاكل عديدة ما تزال معلقة وتواعد التشاديون أن يتفاوضوا حولها خلال المؤتمر الوطني العام الذي سينعقد قريبا إما في (نجامينا) أو في أي مكان يختارونه وصحيح أيضا أن بعض الجماعات التشادية الخارجة عن الشرعية لن تقبل بسهولة عملية السلام لكن الوسيط القطري لا ييأس لوجود هذه العقبات الطبيعية، وكما قال سعادة الشيخ محمد عبد الرحمن وزير الخارجية سيتواصل (الدوحة 2) في تنقية مناخ السلام وتأكيد مخطط الأمن بذات الروح القطرية التي تغلبت على الصعوبات الكأداء في عدة مناطق من العالم وفي هذا الموضوع قال أحد زعماء المعارضة التشادية، في مقابلة خاصة مع "عربي21"، إن اتفاق السلام الذي جرى توقيعه قبل أيام في العاصمة القطرية الدوحة يشكل تمهيداً للحوار الوطني الشامل الذي سيجري في العاصمة التشادية أنجمينا ونحن نتوجه بالشكر والتقدير لحضرة صاحب السمو أمير البلاد الذي رعاه، ورأى نائب رئيس وفد "جبهة الوفاق من أجل التغيير" في تشاد (فاكت)، الدكتور محمد شريف جاكو أن "اتفاقية السلام التي جرى الإعلان عنها هي بمثابة اتفاقية للحضور إلى العاصمة التشادية إنجمينا من أجل المشاركة في المؤتمر المعروف باسم (الحوار الوطني الشامل) وفي الحقيقة - حسب تقديري- سيكون حوارا شاملا". وأشار جاكو إلى أنهم كانوا قد بدؤوا "الحوار التمهيدي بين الحركات السياسية والعسكرية والمجلس العسكري الانتقالي منذ 13 آذار / مارس 2022 وحتى يوم 7 آب/ أغسطس الجاري لحين مراسم التوقيع على اتفاقية لحضور فعاليات الحوار الحكومي في تشاد". وكانت الأطراف التشادية قد وقعت الإثنين "اتفاق الدوحة للسلام" تتويجا لمفاوضات استضافتها قطر بين المجموعات التشادية والمجلس العسكري الانتقالي الحاكم بمشاركة إقليمية ودولية. وجرى توقيع الاتفاقية مع الحكومة الانتقالية بمشاركة أكثر من 40 من مجموعات المعارضة ولفت جاكو إلى أن "مدى قبول أو رفض الاتفاقية لا يُقاس بعدد الموقعين عليها أو الرافضين لها، لأن هناك حركات محسوبة على المعارضة بينما هي تابعة أصلا للنظام وقادمة من إنجمينا، وحركات أخرى سبق أن تصالحت مع النظام وجاءت إلى الدوحة لإبرام التوقيع المُتفق عليه أصلا بغية الاستفادة من الوساطة القطرية". وأردف المعارض التشادي: "هناك حركات أيضا ليست لديها شروط مسبقة، بل شروطها تتعلق بمسائل ذاتية أو طلبات شخصية. إذن هذه الحركات، طبقا لهذا الوصف، مستعدة للتوقيع والعودة للبلاد بلا شروط، وبالتالي فهذه القوى تُمثل الأغلبية بالتأكيد من حيث العدد لا التأثير"، مضيفا: "إشراك حركات مفبركة وجماعات شبحية تم إنشاؤها سابقا لتلبية رغبات النظام لا يشير لإمكانية نجاح الحوار"، واستدرك قائلا: "أما الحركات المعارضة التي لها شروط مسبقة ووجود عسكري على الأرض فهي لا تزال تعطي فرصة أخيرة لرئيس المجلس العسكري لإنقاذ ما يمكن إنقاذه للموقف المتعثر لتقديم بعض التنازلات، وإن تعذر ذلك فسوف تعلن للرأي العام الوطني والدولي عن موقفها والأسباب التي أجبرتها على عدم التوقيع رسميا". وواصل حديثه بالقول: "المعارضة التشادية أظهرت منذ البداية رغبتها في المشاركة في حوار جاد يحقق السلام العادل والدائم في تشاد لطي صفحة الصراع العسكري المزمن في تشاد وهو ما أنجزه حوار الدوحة بفضل وساطة السلام وعبر أكبر المعارضين عن هذا الشعور بقوله لموقع عربي 21: "أشاد جاكو بالدور الذي لعبته دولة قطر على مدى أكثر من خمسة أشهر وجهودها التي بُذلت من أجل حل الأزمة التشادية المزمنة، مضيفا: "حقيقة هذا الدور الإيجابي لم ينته بعد، ولن ينته ما دامت الأزمة لم تنته إلى الآن، ونحن نشكر قطر كثيرا على هذا الدور الذي لا نستغربه عليها، خاصة أن الدوحة باتت بمنزلة مدينة السلام".