09 سبتمبر 2025
تسجيلما الذي ما زال يجري هناك بعد السابع من أكتوبر؟ المزيد من الصواريخ والدبابات والقنابل والدماء والفناء.. المزيد من الموت الذي اعتاده المجتمع الدولي وكثير من الناس حتى بدا وكأنه المعتاد.. فلا جديد تحت شمس الاحتلال، ولا جديد ليقال بعد أزيد من تسعة أشهر في ما يمكن اعتبارها أطول فترة عدوان مستمر على غزة! جريمة تلد أخرى ومجزرة تتلو مجزرة وشهيد يلحق آخر.. وشلالات الدماء البريئة لا تتوقف، والصرخات مستمرة، والموت هو عنوان المشهد، وغزة ما زالت تقاوم بكل ما أوتيت من إرادة وعزيمة وإيمان وإصرار، وهي ما زالت صابرة، حتى وهي جريحة وجائعة ومخذولة ومنهكة القوى ونافدة السلاح والذخيرة والغذاء والدواء.. والصهاينة ما زالوا في غيهم وجبروتهم يعمهون، والعالم ما زال صامتا إلا قليلا! حلقة أخرى من حلقات مسلسل المجازر الصهيونية عاشها الفلسطينيون في غزة بداية هذا الأسبوع حيث وقعت مجزرةٌ مروعةٌ في القطاع المحاصر منذ سنوات طويلة، استهدفت فيها قوات الاحتلال الإسرائيلي بالصواريخ خيام النازحين بمنطقة مواصي خان يونس التي صنفتها الحكومة الصهيونية نفسها سابقاً بأنها منطقة آمنة، مما أدى إلى استشهاد عشرات الفلسطينيين وإصابة المئات على الأقل. هذه المجزرة ارتكبت في الوقت الذي لم تعد تتوفر فيه مستشفيات قادرة على استقبال هذا العدد الهائل من الضحايا، بعد خروج معظم المستشفيات التي تجاهد منذ السابع من أكتوبر الماضي في سبيل البقاء بأقل الإمكانيات وأكثرها تواضعا، عن الخدمة تماما.. فلا عدد كاف من الأطباء ولا الممرضين ولا الإداريين ولا الأدوات، ناهيك عن قلة الأدوية والمستلزمات الطبية الأخرى. والمصابون الذين تكدسوا فوق بعضهم البعض بلا أسِرة في تلك المستشفيات لا يكادون يجدون أي عناية طبية، ولا تهتم بهم سوى الكاميرات التي تنقل مشاهد موتهم على الهواء مباشرة للعالم العاجز! ومثل هذه المجازر الصهيونية ليست جديدة ولا غريبة على الفلسطينيين أو المجتمع الدولي بأسره، فقد اعتاد الجميع عليها وعلى غطرسة الاحتلال في ارتكابها بدم بارد، لكن ما فاجأ العالم هذه المرة أن ما يسمى بالجيش الإسرائيلي كان قد صنف تلك المنطقة المستهدفة بـ»الآمنة»، بل وأمر النازحين بالتوجه إليها لينجوا بأنفسهم، فإذا به يعتبرهم لقمته السائغة، حيث وجه إليهم صواريخه وهو يعلم تماما أنهم مدنيون عزل وأن رجال المقاومة الذين كانوا حجته المعلنة في هذه المجزرة ومجازره السابقة غير موجودين! أي أن الجريمة تمت مع سبق الإصرار والتخطيط والترصد بحق هؤلاء المدنيين النازحين من ديارهم وبلداتهم! وهذا دليل آخر يضاف إلى أدلة عديدة أمام العالم كله على إجرام هذا الكيان الذي لم يأبه يوما للمجتمع الدولي ولا مواثيق الأمم المتحدة، وأنه لا يريد سلاماً كما يدعي، وبالتالي فهو غير مهتم بالتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، وكل ما يقال في هذا السياق مجرد وقود لإطالة أمد العدوان وإفناء البلاد والعباد! جريمة حرب إضافية إذن في سلسلة الجرائم التي يرتكبها الاحتلال الصهيوني بحق الفلسطينيين، ورغم بشاعتها لم يتحرك بجدية للتعامل معها سوى الإعلام والذي سرعان ما انشغل عنها بنهاية يومها الأول عندما وجد هدفا أكثر أهمية بالنسبة له. فأذن دونالد ترامب، الرئيس الأمريكي السابق والمرشح الحالي في سباق الانتخابات الأمريكية للرئاسة، والتي أصيبت إصابة طفيفة كما يبدو في طلق ناري غير واضح الدوافع حتى الآن، تبدو أكثر أهمية بكثير من مئات الأجساد الفلسطينية المصابة والتي تكومت فوق بهذا البعض على أرض المستشفى بانتظار أن تموت!