18 سبتمبر 2025
تسجيلليلة القدر ليلة لها فضل عظيم على الأمة كلها ففيها نزل القرآن على النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وقد قيل إنها متنقلة في العشر الأواخر، وقيل تُلتمس في ليالي الوتر من الأيام العشر.ومن خصائصها أن تكون الليلة معتدلةً ليست بحارَّة أو باردة، ولا تَرى فيها شُهُبًا،ولم يثبت شيء مما يقوله البعض أن الكلاب لا تنبح فيها، ولا تَسمع نهيقًا لحمار وأن ماء البحر يكون عذبا فيها.وقد تحرى رسول الله بنفسه تلك الليلة وأمرنا أن نتحرَّاها، وهذا إن دلَّ فإنما يدلُّ على أن كل المسلمين عليهم أن يظلوا في عمل متواصلٍ تقرُّبا إلى الله، فلا يخدعنك بعض عملك فتحسب أنك داخل الجنة بسببه، بل اجتهد واعمل وقوِّ من عزيمتك، فقد ورد في الحديث الشَّريف عن الرّسول صلى الله عليه وسلم: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا، وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». صحيح النسائي للألباني.بقيام ليلة القدر يَغفر الله لك ما تقدَّم من ذنبك وما تأخر، ثواب جزيل ونفحة عظيمة من الله عز وجل، ومن عظيم قدرها أنها خير من ألف شهر وهو ما يُعادل ثلاثًا وثمانين سنة وأكثر من العبادة، فهل من مُشمِّر لاستقبال تلك النفحات والعطاءات التي يمنُّ علينا بها الله؟!ليلة تنزل فيها الأرواح الطاهرة تتنزل فيها الملائكة لتعم البركة والرحمة من الله عز وجل، فنسمات تلك الليلة ورائحتها تُنشَر بين الناس، فما أطيبها من ليلة! وما أجملها من نفحة! ويُستحَب أن يكون دعاؤك في هذه الأيام كما ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم: «اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي».وأن يكون اجتهادك في يومها كاجتهادك في ليلتها، فلا تمضي لياليك تلك في السهر أمام التلفاز أو مجالس السمر أو الأسواق بينما كانت بيوت السلف قائمة على التقرب من الله والاعتكاف في المسجد والمواظبة على الصلاة والدعاء، والخشوع في ندائك لله، وهناك من أعمال الخير الكثير الذي يمكن أن تفعله في تلك الليلة المباركة.فإذا كان الله خص هذه الأمة بتلك الليلة التي لم تكن لأمة من قبلهم، فعلى كل مسلم أن يفعل ما يُظهِر أنه مستحقٌّ لهذه النعمة العظيمة التي خُصَّت بها أمة محمد، فعلينا أن نتحلى بالصفات المحمودة ونتخلى عن الصفات المذمومة، وأن نتخلق بخُلُق القرآن، وما أنزله الله في كتابه من أوامر ونواهٍ، وهذا يتأتى بقراءة القرآن قراءة متأنية مستوعبة لما يحوي من أحكام وتعاليم، وأن تكون هذه القراءة بنيَّة الالتزام بأحكام الله، وحلاوة الإسلام. وليلة القدر لا يوافقها إلا المحبُّون المخلصون من عباد الله، فأدعو الله أن يوفقنا إلى تلك الليلة العظيمة وأن يغفر لنا ما تقدم من ذنوبنا وما تأخر.