31 أكتوبر 2025

تسجيل

الرحمة بين الزوجين

15 يونيو 2016

إن من أعظم مقاصد النكاح في شرع الله المطهر أن تسود المودة والرحمة بين الزوجين ،وعلى هذا الأساس ينبغي أن تبنى الحياة الزوجية يقول الله عز وجل:(ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون)الروم:21، فلا يغيب عن بالك المودة والرحمة اللتين ذكرهما الله تعالى في الآية الكريمة بين الزوجين ،وأن تتأمل في حال الصحابة والسير على هدي النبي صلى الله عليه وسلم وليجتهد كل منا في إسعاد أسرته وسوف نحصد أثر ذلك خيرا إن شاء الله ،فمن أكبر أسباب كسب القلوب البشاشة ولين القول فإنما البر شيء هين وجه طلق وقول لين ،ومن ثمرات هذا الاتحاد أو الزواج هو إنجاب الأبناء وبذلك تتكون الأسرة وتكون اللبنة الأولى في تكوين المجتمع، فهي المؤسسة التربوية الأولى التي تتلقي المخلوق البشري منذ أن يفتح عينيه على النور وهي الوعاء الذي تشكل داخله شخصية الطفل تشكيلا فرديا واجتماعيا كما أنها المكان الأنسب الذي تطرح فيه أفكار الآباء والكبار ليطبقها الصغار على مر الأيام فينتفعوا بها من خلال تنشئتهم في الحياة. إن الأسرة في حدودها الضيقة لها من الروابط الاجتماعية ما تستطيع به تحقيق رسالتها في الحياة.فإن الله سبحانه وتعالى لم يشأ أن يترك عبده في هذه الدنيا وحيدا ضالا دون أن يضع له منارا يستنير به في علاقته الجنسية وطريقا يسلكه في جهاده المرير الذي تزداد مرارته كلما تذكر الحياة الناعمة الأولى التي كان لا يجوع فيها ولا يعرى ولا يظمأ فيها ولا يضحى ،فقد أودع الله عز وجل في الإنسان هذه الضرورة بصفة فطرية ويتحقق ذلك بفضل اجتماع كائنين لا غنى لأحدهما عن الآخر وهما الرجل والمرأة فإن نشأة الأسرة الإسلامية وتكوينها يقوم على مبدأ التضامن والتكافل فهي تقوم على أسس التعاون والرحمة والمودة تحت ظلال كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم مستظلة بتشريعات الدين الحنيف ويعد هذا النمط من الأسر القائم على التعاون والمودة والرحمة والترابط هو أفضل أنماط الأسرة، لأن أفرادها يجمعهم الترابط والتماسك القائم على المحبة، فلقد استظلت الأمة الإسلامية بظلال أيام رمضان المباركة يتزودون وخير الزاد التقوى فالمسلمون في بقاع الأرض مشارقها ومغاربها يستقبلون رمضان بقلوب صافية مؤمنة لله تعالى راضية بقضائه تجدُّ في السير نحو رضا الله تعالى ترجو رحمته وتخشى عذابه وتعمل على استثمار فرائض الدين وأركانه في كل خير يوصلنا إلى جنة عرضها السموات والأرض, فإن الله سبحانه وتعالى جعل الأيام بين الناس دولا وجعل لنا في أيام دهرنا نفحات وأمرنا بالتعرض لها لعل المسلم تصيبه نفحة لا يشقى بعدها أبدا، ومن هنا كان الصوم في رمضان عبادة يتقرب بها المسلمون إلى خالقهم، فتصفو نفوسهم ويلتقون على المودة يربط بينهم الإيمان رغم تباعد الأقطار واختلاف الديار ،فلا يستوي فعل الحسنات والطاعات لأجل رضا الله تعالى ولا فعل السيئات والمعاصي التي تسخطه ولا ترضيه فإذا أساء إليك مسيء من الخلق، خصوصا من له حق كبير عليك كالزوجين والأقارب والأصحاب ونحوهم إساءة بالقول أو بالفعل فقابله بالإحسان إليه، فإن قطعك فصله وإن ظلمك فاعف عنه ،فشهر رمضان هو الشهر الذي شهد بداية مهبط الوحي فهو الذي أنزل فيه القرآن وفرض علينا فيه الصيام وسن لنا نبينا فيه القيام فيه ليلة خير من ألف شهر ينظر الله فيه إلى تنافسكم في الخير، مما يكون له الأثر الذاتي والتكوين النفسي في تقويم السلوك الفردي وبعث الحياة والطمأنينة في نفس الإنسان.