15 سبتمبر 2025
تسجيلذكر ابن خلكان في كتابه "وفيات الأعيان" أن أحد الفضلاء نظم أبياتاً بعد أن أثرى ووصل سن الثمانين.. حيث قال: ما كنتُ أَرجُوه إذ كنتُ ابن عِشرينا مَلَكتُهُ بعدَ أَنْ جاوَزْتُ سَبعينا تُطيفُ بي من بناتِ التُّركِ أَغْزِلَةٌ مثلُ الغُصُونِ على كُثبانِ يَبْرينا وَفُرَّدٌ من بناتِ الرُّومِ رائعةٌ يَحكين بالحُسْنِ حُورَ الجَنَّةِ العِينا يَغْمِزْنَي بأَساريرٍ مُنَعَّمةٍ تَكادُ تَنْقَضُّ من أَطرافِها لِينا يُرِدْنَ إِحياءَ مَيْتٍ لا حَرَاكَ بِهِ فكيفَ يُحيينَ مَيْتاً صارَ مَدفونا قالوا أَنينُكَ طُولَ الليلِ يُقْلقُنا فما الذي تَشْتَكي؟ قُلتُ الثمانينا وفي هذا المجال يقول المازني: أَنْكَرتُ من بَصَري ما كنتُ أَعرِفُهُ واستَرجَعَ الدَّهرُ ما قَد كان يُعطينا أَبَعْدَ سَبعينَ قد وَلَّتْ وسابِعَةٍ أَبغي الذي كنتُ أَبغيه ابنَ عِشرينا يتصابى رغم شيخوخته كان الهَرَّاء واسمه مُعاذ بن مُسلم يتصابى رغم بلوغه فوق الستين.. ويذكر أنه سُئل ذات يوم: كم سِنُّك؟ فقال: ثلاث وستون.. ثم سئل بعد ذلك بسنين عن سِنِّه فقال: ثلاث وستون..! وكان الهَرَّاء مشهوراً بطول العمر، وكان له أولادٌ وأولادُ، أولاد ماتوا جميعاً وهو حَيٌّ يُرزق، وفيه قال الشاعر الخزرجي: إنَّ مُعَاذَ بن مُسِلم رَجُلٌ ليس لميقاتِ عُمرهِ أَمَدُ قد شَابَ رأَسُ الزمانِ واكتَهَلَ الدَّهرُ وأَثوابُ عُمْره جُدُدُ قُل لمعاذٍ إذا مَرَرتَ بِهِ قد ضَجَّ من طُولِ عُمرِكَ الأَبَدُ وهذا الوزير أبوبكر بن زهر الذي قال: إنِّي نَظَرتُ إلى المرآةِ إذ جُلِيَتْ فأَنْكَرَتْ مُقلتاي كُلَّ ما رَأَتَا رأَيتُ فيها شُيَيْخاً لستُ أَعرِفُهُ وكنتُ أَعهده من قبل ذاكَ فَتَى فقلتُ أينَ الذي بالأمسِ كانَ هُنا متى تَرَحَّلَ من هذا المكانِ مَتَى؟ فاستَجْهلَتني وقالت لي وما نَطَقَتْ قد كانَ ذاكَ وهذا بعد ذاكَ أَتَى فاستَضْحَكَتْ ثم قالت وهي مُعْجَبَةٌ إنَّ الذي أَنْكَرَته مُقلتَاكَ أَتَى كانت سُلَيمى تُنادي يا أُفَـيَّ وقد صارَتْ سُلَيمى تُنادي اليومَ يا أَبَتَا وسلامتكم..