11 سبتمبر 2025

تسجيل

بيئة الغابات

15 يونيو 2011

تمثل الغابات أحد أهم الموارد الطبيعية المتجددة والمساعدة في المحافظة على التنوع الحيوي والبيئة وقد اعتمد الانسان في حياته على ما تنتجه الغابات مستفيداً بما تقدمه من ثمار وأوراق ووقود. وبمرور الزمن تطورت هذه الاستفادة بفضل القفزات الحضارية والنقلات النوعية في مجالات العلوم المختلفة فاكتشف الإنسان في الغابة مزايا وفوائد لم يكن يعرفها من قبل، كمساهمتها في تثبيت التربة والمحافظة على خصوبتها ووقف الزحف الصحراوي وتثبيت الكثبان الرملية ومنع زحفها على الأراضي الزراعية إلى جانب تلبيتها لحاجاته المختلفة كالترويح والتنزه وتلطيف الجو وغيرها. وفي ظل كل هذا التطور الحاصل في استغلال الغابات تم اغفال الكثير من المتطلبات الضرورية، خاصة في ما يتعلق بدور الغابات في الحفاظ على البيئة مما تسبب عنه اخلال بالنظام البيئي الذي بات غير مستقر ومهدداً بالعديد من المشاكل والعقبات كالتصحر والجفاف ومشاكل التلوث الناتجة في اغلبها عن الإنسان وممارساته العشوائية المتمثلة في القطع الجائر للاشجار واستغلالها غير المرشد لاغراض الرعي والزحف العمراني على حساب مساحات شاسعة كانت تغطيها الغابات. ولكن يجب على العالم أن ينتبه.. ففي العقد الأخير من القرن الماضي تنبهت شعوب المعمورة على كافة الأصعدة المحلية منها والدولية إلى ضرورة الحد من الممارسات الخاطئة وتقنين استغلال الموارد الطبيعية، خاصة الثروة الغابية وتخفيف حدة المخاطر المحدقة بها واستثمارها بالصورة المثلى. فقد اورد تقرير نشرته منظمة الاغذية والزراعة عن نتائج التقدير العالمي للموارد الغابية لعام 2000م ان اجمالي ازالة الغابات على المستوى العالمي خلال العقد 1990 - 2000 م سجل معدلاً سنوياً يقارب 11.5 مليون هكتار في حين سجل صافي ازالة الغابات (اجمالي الازالة ناقصا التشجير والتحريج) نحو 9 ملايين هكتار في السنة ويعزى الخفض في صافي ازالة الغابات (أو زيادة المساحات الحرجية) في كل من البلدان النامية والصناعية بالدرجة الاولى إلى حدوث زيادة ملموسة في مساحات المزارع الحرجية (التشجير). الغابات والتنوع الاحيائي: فالغابة تجمع حيا يضم كائنات نباتية وحيوانية على غاية من التنوع يجمع بينها عدد لا حصر له من العلاقات المتداخلة ولعل السمتين المميزتين للمنظومة البيئية الغابية هما ما تتميز به الاشجار من كثافة عددية وما تمارسه الغابة من تأثير في بقية الانواع النباتية والحيوانية، فبتحلل اوراق الاشجار المتساقطة على الأرض تزيد نسبة المادة العضوية وتزداد خصوبة التربة، كذلك نلاحظ ان بعض بذور الاشجار كالصنوبر تكون مصدراً لغذاء بعض الطيور التي تعيش في الغابة كذلك تمثل أوراق الاشجار الغذاء المفضل لاصناف عديدة من الحشرات وبالتالي فإن بعض الكائنات الحيوانية كالطيور والحشرات تسهم بدورها هي الاخرى في توفير الظروف الملائمة للنمو السليم للاشجار، وذلك بما تقدمه من خدمات كالتلقيح او من نثر للحبوب والبذور. اي ان نمو الاشجار في الغابات على عدة طبقات واضحة المعالم تتفاوت اطوالها حتى تصل إلى 40 متراً وتنوع المستويات المتعددة للغطاء الغابي ادى إلى تعدد درجات كثافتها الضوئية ومستويات رطوبتها مما يسمح بوجود انواع من الاحياء تتعايش معها في حيز ضيق وبذلك تعتبر الغابات اغنى اجزاء سطح الارض بانواع الكائنات الحية المختلفة، فنلاحظ مثلاً ان الهكتار الواحد من الغابات المطيرة المختلطة يضم 300 نوع من الاشجار، كما وجد ان رقعة مساحتها 5كم2 من الغابات المطيرة تضم اكثر من 1300 نوع من الفراش و600 نوع من الطيور، كما وجد ان شجرة واحدة تضم 43 نوعاً من النمل وهذا التنوع في الحياة النباتية والحيوانية مهم للإنسان لانه ضروري لانتاج الاغذية والادوية والمواد الخام وغيرها ولا يتاح للانسان كل هذا الا من خلال محافظته على الغابات. فوائد الغابات: - تعتبر مصدراً رئيسياً لخشب الصناعة. - تعتبر مصدراً رئيسياً لإنتاج خشب الوقود والفحم النباتي، حيث إن الاستهلاك العالمي منه بلغ حوالي 1800 مليون متر مكعب يستهلك منه العالم النامي قرابة 90 %. - تساعد الغابات على تقليل الضجيج والضوضاء. - تسهم الغابات في التقليل من تلوث الهواء الجوي. - تسهم الغابات في التقليل من الفيضانات والجفاف، اذ ان الامطار عند تساقطها على المناطق الغابية لا تصل إلى التربة مباشرة، حيث تظل نسبة قرابة 60 % من هذه التساقطات عالقة بالاوراق وبالتالي تحد من حدة الفيضانات. - تستخدم أشجار الغابات كمصدات للرياح لحماية المحاصيل الزراعية من شدة الرياح وبالتالي زيادة انتاجيتها. - تستخدم أشجار الغابات كأحزمة وقاية حول المدن والقرى لحمايتها من زحف الرمال. - تعتبر الغابات ملاذا للانسان، حيث إنها توفر له شعورا بالراحة والطمأنينة وتزوده بالهواء النقي وبمكاسب ترفيهية لا يمكن ان توفرها له اية منشأة صناعية ولا تقتصر الغابات على كونها غطاء شاسعا اخضر لكن لها مغزى اقتصاديا وصناعيا بل واستجماميا ايضاً، كما انها تمنع تدهور التربة وتآكلها، تحمي ينابيع المياه، وتحافظ على استقرار الجبال، كما انها تحد من تأثير الصوبات الخضراء، التي تساهم في ظاهرة الاحترار العالمي من خلال البساط الاخضر الذي يمتص غاز ثاني أكسيد الكربون، وتعتبر الغابات بيئة وموطناً طبيعياً للحيوان والنبات، حيث تضم حوالي 2/3 من كائنات الكرة الارضية، لذلك فهي تساعد على حماية التنوع البيولوجي من الانقراض وعلى المستوى الاقتصادي، وتساهم كمصدر للطاقة والمواد الخام، كما لعبت الغابات على مر العصور دوراً حضارياً وتاريخياً هائلا، حيث كانت موطناً للعنصر البشري منذ القدم. وعلى الرغم من اهمية الغابات، فمازالت التقارير تشير الى التدهور المستمر في هذه المساحة الشاسعة، حيث اقرت الاحصائيات بان نسبة الغابات التي تعرضت للتدهور وصلت الى نصف مساحتها، خاصة خلال العقود الثلاثة الاخيرة، وفي الفترة ما بين عام 1990 - 1995 وصلت نسبة الفاقد منها الى حوالي 112600 كم2 سنوياً والمساحات المتبقية منها صغيرة - ولكن الغابات الحدودية (التي تقع على الحدود) مازالت تلعب دوراً كبيراً في البقاء على حياة الغابات، وفي الحفاظ على التنوع البيولوجي لكنها مهددة ايضاً بالانقراض ويرجع ذلك لاسباب اقتصادية لتحقيق النمو المستدام لاقتصاد الدول، والاستهلاك المتزايد لها، تأثير غازات الصوب الخضراء، ومتطلبات السكان الآخذين في التزايد للاستقرار في أراضٍ جديدة.