09 نوفمبر 2025

تسجيل

الغرابة في طلب القرابة

15 مايو 2011

حينما سمعنا عن (انضمام) كل من المغرب والأردن إلى دول مجلس التعاون الخليجي كنا نظن أن المسألة (غشمرة ثقيلة) من الترهات التي تحفل بها أجهزة البلاك بيري، وأنها (إشاعة) لا يمكن أن يصدقها عقل، وأن المسألة لن تتعدى الساعات حتى تأتي جهينة بالخبر اليقين، وللأسف بأن جهينة هذه لم تصدق ما أتت به فعلاً!.. فالواقع يقول بأن الذي لمَّ الشامي على المغربي هو مجلس التعاون الخليجي بالفعل وعوضاً عن انضمام من هما أحق بأن يكونا ضمن منظومة الخليج الواحد وهما اليمن والعراق، تنضم دولة عربية من القارة الإفريقية، وأخرى ناضلت ردحاً من الزمن لتكون ضمن هذه الدائرة الخليجية إلى مجلس التعاون، الذي لم يبرر في مسوغات هذا القرار المفاجئ لشعوب المنطقة، التي لاتزال ما بين مصدق ومكذب لها!.. فالقرار كان صدمة لمن عبروا بأن الهوية الخليجية بدأت تتنصل من شخصيتها الواحدة وبدأت عروق جديدة تتشكل في منظومتها التي كانت تميزها كدول تتشابه في تاريخها ومصيرها وعاداتها وتقاليدها ولكنتها والتفافها حول بعضها في متانة وقوة، يحسدها عليها الكثيرون.. فرغم دعوتنا الأزلية بأن يصطف العرب يداً واحدة أمام من يريد لهذه الأمة شراً، فإن (اقتحام) مجلس التعاون الخليجي الذي ولدنا ونحن نسمع أغنية (خليجنا واحد) تتناقل بيننا، جعلنا لوهلة من الزمن نرفض استقبال أي وافد غريب يفقدنا معنى أن يكون هذا الخليج واحداً بدوله الست لا سابع له ولا ثامن!.. فما هي المسوغات التي بررت دخول دولة من شمال الأمة وأخرى من قارة ثانية ومن أقصى الغرب منها إلى مجلس خليجي لاتزال شعوبه تأمل منه أن يحقق ما هو مطلوب فعلاً رغم مضي أكثر من ثلاثين عاماً على إنشائه؟!.. وما علمته هو أن انضمام هاتين الدولتين سيعزز القوة الدفاعية واللوجستية لمنطقة الخليج، وكنت آمل أن يعزز أبناء الخليج قوتهم هذه من الداخل قبل أن يبحثوا عن متانة خارجية، فقوة النواة تضفي على القشرة صلابة وقوة وتماسكاً!.. ولست في محل انتقاد ما يراه متخذو القرارات صائباً وتراه شعوب المنطقة غريباً ومرفوضاً واستهجنه الكثيرون في كل دولة خليجية شعروا بأن هويتهم تنسلخ، وإن حقاً يمكن لمثيلات العجائب السبع أن تتحقق دون أي صعوبة تذكر، فقد كان من الأولى أن تعمل دول الخليج على استقرار كل من العراق واليمن اللتين تشتركان جغرافياً مع دول الخليج، ويمكن أن يؤثر تخلخل الاستقرار على أراضيهم على استقرار وثبات الخليج، ككل وهذا ما كان يجب أن يحدث منذ انسحاب القوات الأمريكية عن العراق وتركه يتخبط في عواصف الطائفية وانعدام الأمن والثقة بحكومة تتشكل على رؤوس المعارضين لها، وعبر التزوير بصناديق الاقتراع، وما يجب أن يحصل الآن في اليمن الذي يعد بوابة مفتوحة لتسلل الحوثيين الشيعة وعناصر مخربة من القاعدة فيما لو لم تصطف دول الخليج بجانب اليمن للفتك بهؤلاء رغم المبادرة الخليجية الموضوعة على طاولة النزاع اليمني ـ اليمني لحل الأزمة، وما أعنيه أنه كان يجب مداوة الجروح المفتوحة للعراق واليمن لضمان استقرار مأمول ودائم للمنطقة، وهذه هي القوة الداخلية التي يجب أن يسعى لها الخليجيون قبل البحث عمن يعززها بالقوة الخارجية والمتمثلة في انضمام الأردن والمغرب رغم عدم أوجه التشابه الجغرافي والتاريخي والمعيشي بينهما وبين دول الخليج!.. ولكن لربما يرى أصحاب القرار ما جهلنا عنه ويستقرئون ما فقدنا مهارة التهجئة فيه، وبالرغم من ذلك فأنا أعترف بأن هذه الدنيا باتت مخيفة حقاً وما نمسي عليه لا نصبح فيه والظروف تتسارع ونحن نلهث خلفها فقد باتت تصنعنا ولسنا نحن من نصنعها!.. دنيا لا تشبه الدنيا التي عشناها صغاراً ولا من حدثنا عنها آباؤنا وأمهاتنا سابقاً فما بات يحكمنا هو المصلحة، والبقاء بات لمن يأكل ويشبع بطنه دون السؤال ما الذي أكله وهل كان حلالاً أم حراماً أو لحم أخيه!!.. سترك يارب. فاصلة أخيرة: اللهم احفظ لنا أمننا واستقرارنا وأصلح ولاة أمرنا واهدهم، واهدنا إلى ما يهب لنا طاعتك ومغفرتك، ولا تجعلنا من المحرومين من النظر لوجهك الكريم لشدة كبائرنا وكثرة ذنوبنا.