15 سبتمبر 2025
تسجيلالقرارات البطيئة عائق كبير أمام تطوير العمل الاقتصادي المشترك يتميز العمل الخليجي المشترك بوجود جملة من الخصائص التي تنعكس بصورة مباشرة على مجريات التعاون، وبالأخص التعاون في المجالات الاقتصادية والتي ترتبط بالنمو والتنمية وبالمستويات المعيشية في دول مجلس التعاون الخليجي. ففي نهاية الأسبوع الماضي اتخذت لجنة التعاون المالي والاقتصادي قرارا بتأجيل تنفيذ بنود الاتحاد الجمركي بين دول المجلس والذي بدأ العمل به في عام 2003 إلى عام 2015، وذلك على الرغم أن قمة دول المجلس الأخيرة والتي عقدت بالعاصمة أبوظبي في شهر ديسمبر الماضي قد "وجهت اللجنة المالية بضرورة سرعة العمل على تطور آليات الاتحاد الجمركي وإزالة العوائق الجمركية وغير الجمركية بين الدول الأعضاء بما يسهل انسياب التجارة فيما بينها وبين العالم الخارجي". وضمن الخصائص التي أشرنا إليها، تأتي مسألة تسلسل اتخاذ وتنفيذ القرارات، إذ اتخذت لجنة وزارية قرارا لا يتناسب وتوجيهات المجلس الأعلى، مما يعني تأخير العمل بالقرار المعني لسنوات طويلة، في الوقت الذي تعتبر فيه هذه اللجنة جهة تنفيذية تكمن مهمتها الأولى في تذليل العقبات التي تحول دون عملية الاستكمال والعمل على الوصول إلى القمة القادمة بتصور واضح يتيح وضع توجيهات القادة في موضع الصيغة النهائية، مثلما أشار إلى ذلك بوضوح تام قرار المجلس الأعلى الذي دعا إلى سرعة العمل بالاتحاد الجمركي. وفي الوقت نفسه كان يمكن للأجهزة الفنية بالأمانة العامة أن تقوم بدور في توضيح هذه الإشكالية الإدارية، وذلك للتأكيد على أهمية الاتحاد الجمركي لإجمالي التعاون الاقتصادي الخليجي المشترك، إذ أن عملية التأجيل لمدة أربع سنوات، هي فترة طويلة لا يمكن تبريرها بالأسباب التي أشار إليها بيان اللجنة الوزارية والتي تتمحور أساسا حول عدم الاتفاق على توزيع الحصيلة الجمركية بين دول المجلس، خصوصا وأن الخلاف حول توزيع هذه الحصيلة يتم في دول غنية ولا تشكل الرسوم الجمركي نسبة كبيرة من مواردها العامة. لقد شكلت مثل هذه القرارات البطيئة عائقا كبيرا أمام تطوير العمل الاقتصادي المشترك خلال السنوات الماضية، فمرحلة منطقة التجارة الحرة في الثمانينيات عرقلت اللجان الفنية بسبب الخلاف حول تقييم مكونات القيمة المضافة، كما أن افتتاح فروع للبنوك الوطنية تعرقل لأسباب عديدة لا علاقة لها بقرارات القمة في هذا الشأن. وبسبب غياب الاتحاد الجمركي، فإن المشتريات بين دول المجلس تتم جمركتها مرتين أو ثلاث عند انتقالها بين هذه البلدان بسبب عدم تنفيذ القرار الخاص بتوحيد التعريفة الجمركية، مما يؤدي إلى دفع رسوم جمركية بنسبة %10 أو 15% بدلا من نسبة 5% المتفق عليها بين دول المجلس، حيث يمكن إيراد العديد من الأمثلة على عراقيل اللجان الفنية التي يفترض أن تلعب دورا إيجابيا في تسهيل تنفيذ قرارات المجلس الأعلى. هذه الصورة المعيقة لا بد أن تتم معالجتها، فمهام اللجان الوزارية المالية والاقتصادية تتمحور حول الالتزام بتنفيذ قرارات المجلس الأعلى التي بذل فيها القادة الكثير من الجهد سواء من خلال قممهم الدورية أو التشاورية نصف السنوية والتي خصصها القادة قبل سنوات إلى جانب القمة الدورية للارتقاء بالعمل الخليجي المشترك وعدم تأجيل القضايا المطروحة بسبب ازدحام جداول أعمال القمم الخليجية الدورية، مما وجد ترحيبا وتقديرا كبيرين للقادة من قبل شعوب دول المجلس. لذلك، فالمطلوب هو العودة مرة أخرى إلى قرار القمة الأخيرة واستكمال متطلبات الاتحاد الجمركي بالسرعة التي تمت الإشارة إليها في البيان الختامي للقمة، على أن تقوم الأمانة العامة بدور توجيهي في هذا الصدد، فالاختلاف حول مسألة توزيع الحصيلة الجمركية لا يستدعي أبداً تأجيل مثل هذا القرار المهم للعمل الخليجي مدة طويلة تتجاوز أربع سنوات، وما قد يترتب عليها من تأجيلات لقضايا أخرى مهمة مرتبطة به، كالسوق الخليجية المشتركة وتنشيط التبادل التجاري بين دول المجلس. والحقيقة التي لا بد من الإشارة إليها هي أن قادة دول المجلس متقدمون في عملهم ومبادراتهم كثيرا على اللجان الوزارية الاقتصادية والتي عليها اللحاق بهم وإزالة الإجراءات الروتينية التي يتمسكون بها، وذلك لمجاراة وتلبية رغبات قادة دول المجلس وشعوبه والذين يسعون لرؤية التكتل الخليجي في مقدمة التكتلات الاقتصادية في العالم، خصوصا وانه يملك من القدرات ما تؤهله لإنجاز الكثير من التطلعات المدرجة في القمم الخليجية.