10 سبتمبر 2025
تسجيلوما زال الكويتيون يعيشون الحدث الانتخابي حتى بعد الانتهاء منه قبل أسبوعين تقريبا (انتخابات مجلس الأمة 2024). تحليل للأرقام وبحث عن أسباب الخسارة والفوز، ورصد للتركيبة البرلمانية التي نتجت عن الانتخابات. وهذه الحالة الجماعية الكويتية حالة معتادة وهي تمثل جانباً من الشغف الكويتي بفكرة الانتخابات عموما. شخصيا كان أكثر ما يهمني في هذه الانتخابات تحديداً هو جانبها الإعلامي، ومدى تطور الحملات الانتخابية للمرشحين وفقاً لمعطيات الظروف الجديدة وسرعة العملية الانتخابية هذه المرة والتي لم تستغرق سوى شهر واحد تقريبا. تابعت الحملات الإعلامية لمعظم المرشحين بدقة، ومن الواضح أن هناك قصورا كبيرا في فهم دور الإعلام لدى كثيرين منهم للأسف. الحملة الإعلامية للمرشح ليست مجرد خطاب إنتخابي ساخن، وتغريدات وتدوينات ومقاطع فيديو وصور ولافتات ومقر يستقبل الناخبين لأسبوع على الأقل واستقطاب لبعض المؤثرين المشاهير في وسائل التواصل الاجتماعي وخصوصا منصة إكس (تويتر سابقا)، بل هي أكثر وأعمق من ذلك بكثير وإن كان ذلك كله بعض أدواتها وحسب! الحملة الإعلامية لأي مرشح، بغض النظر عن كونه مخضرما أم وجها جديدا، أساسها فكرة تصل للناخب وفق معايير معينة. وهذه الفكرة ينبغي أن تعتمد بدورها على صورة المرشح العامة لدى الناخب، إن كان هذا المرشح نائباً سابقاً أو ناشطاً في المجال السياسي أو سبق وأن خاض السباق الانتخابي أو هو وجه جديد تماماً، وفي كل حالة من هذه الحالات تتبلور الفكرة بشكل مختلف وإن تشابهت الأدوات. وبالتأكيد لكل صورة من هذه الصور معطياتها واحتياجاتها وتجلياتها في المضمون وفي الشكل. أي في مضمون الخطاب الانتخابي العام للحملة وفي شكله وأسلوب إيصاله للناخبين. ومع أن معظم المرشحين الذين تابعت حملاتهم استعانوا بإعلاميين لإدارة حملاتهم الإعلامية، إلا أن هذه الحملات اتصفت بالعشوائية والخلط والتجريب العفوي. وذلك لأن هؤلاء الإعلاميين كما بدا لي طبقوا نفس الوصفة الجاهزة التي يملكونها دائماً لإدارة الحملات على الجميع! وهذا تسبب بهدر مالي كبير في ميزانيات الحملات بدون مقابل ولا قيمة مضافة. والأمثلة كثيرة جدا لا مجال لذكرها في هذا المقال، فالهدف هو تحليل الفكرة الإعلامية للانتخابات وحسب بغض النظر عن الأسماء والأمكنة. بالإضافة إلى ذلك هناك من طبق خطة إعلامية نجحت في انتخابات سابقة لمرشح معين في هذه الانتخابات لنفس المرشح أحياناً أو لمرشح آخر أحياناً أخرى. وهذا خطأ فادح، فما نجح في فترة معينة وضمن ظروف ما قد لا ينجح بالضرورة في فترة أخرى وبظروف مختلفة، وما نجح بحالة أحد المرشحين قد يؤدي إلى نتيجة عكسية مع مرشح آخر، بل إن خطة إعلامية ناجحة في الدائرة الثانية قد تكون هي عينها أفشل خطة في الدائرة الخامسة على سبيل المثال، أي أن لكل حالة انتخابية ظروفها الخاصة بها، ولكل شخصية انتخابية مفاتيحها الإعلامية التي لا تنفع مع سواها. والقاعدة العتيقة جداً والتي تنص على أن الإعلام سلاح ذو حدين، تنطبق بنموذجها الكامل على الدعاية الانتخابية، فهناك الكثير من المرشحين الذين فشلوا في تحقيق أهدافهم بالوصول لمجلس الأمة أو على الأقل تحقيق أرقام مشرفة، رغم أن معطياتهم العامة تؤهلهم لذلك، بسبب سوء الإدارة في حملاتهم الإعلامية. والعكس صحيح! وهذا كله ينطبق، باستثناءات قليلة واختلافات أقل، على كل حالة انتخابية وهو ما ينبغي الانتباه له إن أردنا تعزيز الحالة الديمقراطية، في هامشها المتاح، وتطويرها أيضا.