17 سبتمبر 2025
تسجيلمنحة ربانيَّة عظيمة تجلَّى فيها كمال فضل الله على عباده وعظيم مَنِّه وإنعامه عليهم، فجعل لنا ليلة القدر جائزة كبرى لمن صام وقام واجتهد وصبر ونافس وتعب وتحرَّى ودعا ربه أن يجعله مِمَّن أدرك ليلة هي خير من ألف شهر. ومن نفحات العشر الأواخر ومن أهم بركاتها التي تجعل هذه العشر مميَّزة عن سائر أيام شهر رمضان المبارك: وقوع ليلة القدر فيها، ولا يخفى على مسلم فضل هذه الليلة المباركة التي نزل فيها القرآن، قال تعالى: «إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ ◌ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ» (الدخان: 3، 4). ففي هذه الليلة نزل أعظم الكتب السماويَّة على الرسول الكريم - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم - وعبادة المسلم في هذه الليلة تعدل عمرًا مديدًا من الطاعات والعبادات؛ فهي تعدل ثلاثًا وثمانين سنة وأربعة أشهر تقريبًا. لذا، يجب ويلزم ويتحتَّم على المسلم قيام ليلة القدر والإكثار من الطاعات والعبادات؛ لأنها تمحو الذنوب؛ فعن أَبي هُريرة – رَضِيَ اللهُ عنه - عن النَّبِي - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم - أنه قَالَ: «مَنْ قَامَ لَيْلَة القَدْرِ إِيمانًا واحتسَابًا، غُفِر لَهُ مَا تقدَّم مِنْ ذنْبِهِ» (متفق عليه). وسُميت هذه الليلةُ ليلةَ القدر لأن الخالق - سبحانه - خصَّها بالأقدار؛ ففيها تُقدَّر الأرزاق وسائر أمور العباد، وصحائف الأقدار تأخذها الملائكة لمدة عام حتى تأتي ليلة القدر من العام المقبل.. وفيها نزل القرآن، وهو أعظم الكتب قدرًا، ولأن الإنسان يعظم قدره فيها إذا التمسها في العشر. وأخفاها الله تعالى ليسعى في تحريها بالطاعات والعبادات كلُّ مُوفَّق يستحق الفوز بهذه الجائزة الكبرى، فيتضح الصادق من المتكاسل عند الله؛ لأنّ الصادق في طلبها لا يهمه أن يتعب عشر ليالٍ من أجل إدراك ليلة القدر. ويجب على المسلم القيام بما يلي في هذه الليلة الإكثار من الدعاء الجامع لكل خير في الدنيا والآخرة، وأفضل الأدعية ما ورد في السنة؛ فعن أم المؤمنين عائشة - رَضِيَ اللهُ عنها – أنها قالت: يا رسول الله، أرأيت إن وافقت ليلة القدر، ما أدعو؟ قال - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم -: «تقولين: اللهم إنّك عفوٌّ تحب العفو فاعفُ عني». فقدِّم أيها المسلم هذا الدعاء لتوافق السنة وتؤجر، ثم ادعُ الله بما تريد في دنياك وآخرتك. ادعُ لنفسك ولمن تحب وسائر المسلمين. واحرص على الصلاة في أوقاتها في المسجد وفي جماعة بخشوع وسكينة، واحرص على النوافل كذلك، ثم الذكر، ولا يزال لسانك رطبًا بذكر الله. واحرص على إخراج الصدقة يوميًّا في العشر حتى تضمن أنك تصدقت ليلة القدر. واحرص على تفطير صائم يوميًّا في العشر لتنال أجر تفطير صائم في ليلة القدر. واحرص على كثرة تلاوة القرآن والأذكار وغير ذلك من العبادات التي يمكننا القيام بها في هذه الليلة. نسألك اللهم أن توفقنا لاستغلال ليلة القدر وأن تجعلنا من أهلها، واكتب اللهم لنا فيها أجمل الأقدار وأعظم الأجور يا رب العالمين.