08 أكتوبر 2025

تسجيل

نهاية العولمة وبداية العالم الجديد

15 أبريل 2020

ما يحدث اليوم هو موت للعالم القديم (عصر العولمة) وإيذان ببداية عالم جديد، واذا عمل العالم بجد وبتكاتف وتعاون في كل الأصعدة سوف ننهض ونعيش في عالم جديد مزدهر اكثر من ذي قبل، كل النظريات السائدة سوف تتغير وموازين القوة سوف تختلف وحتى المعتقدات الدينية سوف تتغير بالنظر الى قيمة الحياة الانسانية، وكذلك سيشهد العالم تغييرات جيوسياسية كبيرة من ناحية التحكم في العالم من بعض الدول سواء عسكريا او اقتصاديا، خاصة ان انتشار فيروس كورونا جاء في عصر تطور كثيرا، وتصدت له قوة ضاربة في مرافق الصحة الحديثة، ولكن لقوته الكبيرة في تعدد وسائل وطرق انتشاره استطاع هذا الفيروس ان ينتشر انتشار النار في الهشيم، واسقط كل الاساطير العصرية والعولمة التي كان يتغنى بها صناعها، ولكن ايضا لابد ان نبحث في عالمنا الاسلامي وخاصة العالم العربي هل كان مستعدا لمجابهة هذه الجائحة، لأن من اهم مقومات الصمود امام مثل هذا الوباء العالمي هو التكاتف والتعاون المشترك بين الكتلة الواحدة سواء كانت دولها ضعيفة ام قوية، وفي الاتحاد قوة بلا شك، حتى إن الدول القوية لم تستطع ان تهزم هذا الوباء ورأينا الدول الكبرى تتساقط الواحدة تلو الاخرى. لذلك حان الوقت الذي تسقط فيه الأقنعة الزائفة والدول العربية في تمزق وتشتت، وغير مزودة بأبسط مقومات الوحدة بينها، وجاء الوقت لنصرخ نحن الشعوب ونقول يا حكام العرب اتحدوا وتعاونوا في مجابهة العدو الواحد، وهو الغضب الالهي الذي ارسل الينا هذا الوباء ليختبرنا في ديننا وحياتنا الدنيا، والعالم كله سوف يتغير بعد انتهاء هذا الوباء، هل الدول العربية مستعدة لذلك؟. مستوى التعاون بين الحكومات العربية في هذه الجائحة حتى الآن غير مبشر بأن هناك استعدادات للتغيُر الذي سوف يحدث للعالم، بعض الدول تكيد للأخرى، وتتعامل مع البعض الآخر من واقع مواقف دفينة عفا عليها الزمن، بعد ان غيرته هجوم هذا الوباء العصري الفتاك الذي انهك اقتصادات العالم بكل قوتها وجبروتها، وما زال الحكام العرب في سبات عميق يعيشون في خضم خلافاتهم القديمة. من المعلوم ان الأزمات تسرع حركة التاريخ وتعمق تحولاته، ونحن نعبر أزمة من هذه الأزمات النادرة في التاريخ، وعلى العموم فالبشرية اليوم أمام خيارين: إما أن يتضامن الناس مع بعضهم ويصلوا إلى حالة من الارتقاء الإنساني العالمي لاسيما أن هذه الأزمة لا تحل إلا بتضامن عالمي، أو أن ينكفئ الناس كل على مصلحته الضيقة، فتتعاظم الأنانية ويزداد الجشع. وللأسف لا أتوقع أن العالم كله سيعود الى رشده قريبا خاصة العالم العربي والاسلامي ليؤسس منظومة وحدوية جديدة وعادلة تستعيد عافية البشرية، وتؤسس نظما اقتصادية واجتماعية رشيدة. الذي أتنبأ به أن النزعة المادية القومية سوف تغلب، وأن كل دولة ستحاول أن تسيطر على مواردها وموارد غيرها، في سباق محموم جديد، وربما وصولا إلى صراعات دموية، وهذا لن يكون خيرا على البشرية في مستقبل الأيام، لكن سرعان ما سيكتشف الناس أنه لا مناص من الارتقاء إلى التضامن الإنساني العالمي، والعودة الى الرشد الكفيل بحياة طيبة للجميع، وأرجو ألا يطول ذلك. وما لم يبشر بعالم متعاف جديد أن ترامب في احد خطاباته في الايام الماضية قال إن الأسواق ستتعافى سريعا وتعود إلى طبيعتها، لكن هناك ضررا حقيقيا يقع على الناس خصوصا الفقراء الذين يضطرون إلى ترك وظائفهم ولا يحصلون إلا على جزء من رواتبهم أو لا يحصلون عليها، وهذا ليس إلا البداية، فليع حكامنا العرب هذا التغير الذي سوف يحدث لأن معظم شعوبنا فقيرة وهي التي سوف تتأثر اكثر بهذه التغيرات الجذرية التي سوف تحدث للعالم بعد زوال هذه الجائحة بإذن الله. الكاتبة الصحفية والخبيرة التربوية [email protected]