23 سبتمبر 2025
تسجيلبحضور عدد كثيف من علماء اللغة وأعضاء المجامع اللغوية والمهتمين بخدمة وتطوير اللغة العربية، تم في رحاب الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة عقد المؤتمر الدولي الأول للغة العربية ومواكبة العصر، وقبل ذلك احتضنت بيروت نشاطا مماثلا حول اللغة العربية، وعما قريب سيكون لقطر دورها في هذا الأمر، وعلى مدى سنوات تواصلت النشاطات المهتمة باللغة العربية دون كلل ولا ملل في جميع الإقطار العربية، وكانت خطوة تعريب التعليم في جامعة قطر من الخطوات الجريئة الرائدة في مجال مواكبة الجامعات العربية لمنجزات العصر وابتكاراته ومخترعاته، التي لا تعجز اللغة العربية عن استيعابها والتعاطي معها بشيء غير قليل من المرونة والتفاعل والتأثر والتأثير، فاللغة العربية مؤهلة للتفاعل مع مستجدات العصر وإنجازاته المختلفة، بما تملكه من إمكانيات لا تملكها الكثير من اللغات الحية من حيث الاشتقاق، وثراء المفردات، والقدرة على الاستيعاب، ومرونة التكيف مع كل ما هو جديد، إضافة لما لها من رصيد حضاري أسهم في تقدم البشرية وازدهارها. ما يؤسف له أن أبناء اللغة العربية والمتحدثين بها من المسئولين في الملتقيات والمؤتمرات والهيئات الأممية.. يترددون في استعمال اللغة العربية ويفضلون استعمال لغة أجنبية أخرى، حيث يميل المشرقيون إلى اللغة الإنجليزية والمغربيون إلى اللغة الفرنسية، وكأن اللغة الأم لا تستوعب أفكارهم، أو كأن التخاطب بها يسيء إليهم، مما دفع ببعض المنظمات الدولية إلى التفكير في إعادة النظر في استخدام اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية المعتمدة لديها، ولماذا تعتمدها مادام أهلها لا يتحدثون بها. قبل سنوات نفذت مؤسسة الإنتاج البرامجي المشترك لدول الخليج العربية النسخة العربية من البرنامج الأمريكي "شارع السمسم" باسم "افتح يا سمسم" وبلغة عربية فصيحة ومبسطة بدأ الأطفال يقلدونها ويحاولون التحدث بها، لكن هذا البرنامج توقف، وعاد الاطفال للهجات المحلية، وزاد الأمر سوءا أن هؤلاء الأطفال أصبحوا يتحدثون بلهجاتهم المحلية المشوبة بلكنات أجنبية تقليدا للخادمات اللواتي لم يعد منزل في الخليج يخلو من واحدة منهن أو أكثر، حتى أصبح الطفل الذي يحاول التحدث بالعربية الفصيحة بتأثير من والديه.. محل سخرية واستهزاء أقرانه في المدرسة والمجتمع. الجانب الآخر أن بعض كبار المسئولين العرب لا يقيمون وزنا للغة العربية الفصحي أو على الأقل الفصيحة، فيلجأون إلى الحديث باللهجة العامية المحلية، عندما يخاطبون شعوبهم، وإذا حاول أحدهم استعمال هذه اللغة تمنى مستمعوه أن لا يتحدث، لكثرة ما يرد على لسانه من الأخطاء الفادحة التي تسيء لصاحبها أكثر مما تسيء للغة ذاتها، مما يعني ان اللغة بريئة من كل العيوب التي تلصق بها من قبل بعض المتحذلقين من أبنائها. ثمة أمر لابد من التأكيد عليه وهو أن التوصيات والقرارات التي تتخذ في مثل هذه المؤتمرات والندوات والملتقيات، حتى تلك التي تتوصل إليها مجامع اللغة العربية، تظل حبيسة الأدراج، أو حبيسة أجهزة الحاسوب، ولا تجد طريقها إلى التنفيذ، مما يعني ضرورة اتخاذ قرار سياسي تجمع عليه الدول العربية وتحرص على تنفيذه بشتى الوسائل، لتفعيل تلك القرارات، مع وضع الجزاءات الرادعة لمن يخالفها، استنادا إلى ما ورد في دستور كل دولة عربية من أن لغتها الرئيسة هي اللغة العربية، ليشمل ذلك كافة إداراتها ومؤسساتها بما في ذلك المؤسسات والشركات الأجنبية العاملة فيها، وبغير هذا التوجه الصارم في التعامل مع اللغة العربية، سيزداد الأمر باللغة سوءا مع مرور الزمن. [email protected] خليل إبراهيم الفزيع