14 سبتمبر 2025
تسجيلحلمي أن ألقاه.. أمد يدي وأصافحه رغم أنها ستعد سابقة لي في مصافحة الغرباء!.. والحلم الأكبر أن أكلمه ويطول الحديث ويعدني أن ألقاه مجدداً دون أن أبدو (حنـّانة) في طلبي!!.. ويعدني بأنني سأكون رفيقته في (كفاحه القادم ضد بعض الأنظمة العربية) دون أن يضمن لي البقاء على قيد الحياة أو النجاة من الاعتقال!!.. فمن يعرف (جورج غالوي) سيراوده نفس حلمي ومن يسمعه وهو يتحدث سينافسني على بلوغ هذا الحلم الذي يبدو كبيراً علي، مادام كفاحي (بالقلم) الذي ينتحر مداده طواعية وكفاحه (بالألم) الذي يلقاه جورج على خده، كلما أراد أن ينصر غزة ويكيد إسرائيل!!.. نعم أيها الفاضل.. لو كنت ذاهباً للإسرائيليين لمَسْحِ دموع الغدر والكذب والتزوير المنهمرة على خدودهم الخادعة، لكان معبر رفح مفتوحاً لك على مصراعيه، ولم يكن عليك التوجه إلى ميناء العقبة البعيد للوصول إلى المعبر، ولاستحالت شوارع الدول العربية الملاصقة لفلسطين — واسمحوا لي أن أصر على تسميتها فلسطين وليس إسرائيل — إلى مياه تُقِلُّ سفن المساعدات إلى قلب تل أبيب، وكان ذلك في أقل من يومين وليس شهرين كما كان لقافلة شريان الحياة المتجهة لغزة، وما جرى لها من (إجراءات روتينية عربية) مخجلة يندى لها جبين العروبة، وما اختتمت به رحلتها من (معركة) لا سبب لها سوى تعطيل القافلة واتهامها، بما أثبتت عنه التحقيقات النهائية من أن قتل الجندي المصري كان بنيران زميل له بمعنى (نيران صديقة)، وليس بما ثبت عدم امتلاك المعتصمين على حدود رفح أي سلاح سوى الحجارة!!.. ولو كنت تعلن أن إسرائيل متضررة من الهجمات المتواضعة لصواريخ القسام وأنها تلقى إرهاباً من المقاومة الفلسطينية لكنت محبوباً، وكل الحدود تتلاشى أمامك وتحال (التكشيرة العربية) التي صرخت فيك (جت آوت.. ولا نريد أن نراك مجدداً على أرض مصر) إلى ابتسامة عربية عريضة تهمس لك في رقة (ولكم مستر غالوي.. ومرحباً بك في أي وقت، وهذه تأشيرة دخول مفتوحة بدل التكشيرة التي نعتذر لك على سوء تهذيب حرس الحدود لدينا)!!.. يا شيخ ألم يكن عليك أن تتملق قليلاً وترتاح وتريحنا من متابعة مراحل قافلتك التي (فضحت مجرياتها) قبل يومين على قناة الجزيرة؟!!.. قالوا له: (جت آوت) وبالعربي (بَرّا) يعني جورج مطرود مطرود مطرود وبالثلاث!!. عملاقٌ هذا الرجل.. كبيرٌ هذا الرجل.. متميزٌ هذا الرجل.. وربنا يخلي لنا هذا الرجل!!.. وهو كما قال: لن ييأس من تعرضه لكل هذه التحديات والمستحيلات العربية التي (تتلكك) في تيسير وتسهيل مهماته الوطنية!! التي (تفضح) النظم المناوئة للعدو!.. سيعيدها (مرة وتاني وتالت)!! وأنا أزيد عليه وأقول ورابع وعاشر يا أستاذ!!.. أنا معك وكل من يقرأ ويسمع ويشاهد وتتأصل قواعد العدل في قلبه وعقله وعينه سيكون معك.. فـ (غزة) لم يقتلها الإسرائيليون في إرهابهم عليها مطلع العام المنصرم، وقبله بأكثر من نصف قرن من الإرهاب والوحشية، ولا تزال تئن حتى الآن تحت دماء لم تجف بعد، أو كسور لم تلتئم أو جروح لم تشف.. لا.. مخطئ من يقول: إن غزة قتلها هؤلاء البرابرة الذين لا دين لهم ولا إنسانية أو أخلاق.. من قتلها هم نحن العرب الذين نفتخر على خزي منا بأننا نشاركها الدم العربي الواحد، ونتجاهل أنه دم فاسد لا يصلح للتبرع منه أو إليه.. نحن من قتلها.. نحن الذين نخدعها بالمبادرات وحلم السلام والحملات العظيمة المهولة للتبرعات المليارية المخصصة لإعمارها، وإن كل طفل فلسطيني يموت لديها.. قطعة من كبد العرب يسقط منتحراً من فرط الألم، وهو في الحقيقة يهترئ ويصيبه عفن من كثرة السكون والخمول والكسل، ولتثبت التحاليل أنه انتحر مثقلاً بالصدأ وليس بالكمد كما نحب أن نروج له!!.. نحن من قتل هذه المسكينة ونلقي ظلماً بجرم ذبحها على الإسرائيليين الذين لا يفعلون سوى أنهم يثيرون حولهم انتقادات واسعة، باعتبار أن (الضرب في الميت حرام)!!.. لذا.. سيدي الفاضل جورج غالوي.. واصل حربك ودربك.. ودعني أحلم أن ألقاك يوماً.. وأمد يدي مصافحة رغم أنها ستعد سابقة لي في مصافحة الغرباء!.. وحلمي الأكبر أن أحدثك وتعدني أن ألقاك مجدداً....!!... ويلي!.. إنني أسرد القصة من أولها!!.. هذه قصة فلسطين يا قارئي.. وكفى!!. فاصلة أخيرة: عربيٌّ أنا أرثـيـنـي شقّي لي قبراًً.. وأخـفـيـني ملّت من جبني أوردتـي غصّت بالخوف شرايـيـني ما عدت كما أمسى أسداً بل فأر مكسور العينِ أسلمت نفسي كخروفٍ أفزعه نصل السكينِ ورضيت بأن أبقى صفراً أو تحت الصفرِ بعشرينِ ألعالم من حـولي حرٌّ من أقصى بيرو إلى الصينِ نتنياهو يدنس معتقدى ويمرّغُ فـي الوحل جـبـيـني وأميركا تدعمه جهراً وتمدُّ النار ببنزينِ وأرانا مثلُ نعاماتٍ دفنت أعينها في الطّينِ وشهيدٌ يتلوهُ شهيدٌ من يافا لأطراف جنينِ وبيوتٌ تُهدَمُ في صلفٍ والصّمت المطبقُ يكويني يا عرب دلوني لزعيمٍ يأخذ بيميني فيحرّر مسجدنا الأقصى ويعيد الفرحة لسنيني ((أحمد مطر))