15 سبتمبر 2025

تسجيل

إنّ موعدكم الجنّة

15 مارس 2012

بحمد الله تعالى وبفضل منه سبحانه تكشّفت لنا حقائق كثيرة وأسرار عديدة كنّا كثيراً ما نتردد في التصديق بها أو التسليم لها خاصة فيما يتعلق ببعض الحكّام العرب الذين انفضحت ألاعيبهم وتبيّنت مؤامراتهم واتضحت مخططاتهم وانكشفت جرائمهم وتعرّت سَوءاتهم وسقطت أقنعتهم فأصبحنا نراهم على حقيقتهم الكاذبة الضالّة المنحرفة المجرمة الخائنة.. وأردف ما شئت من نعوت الهجاء والقدح، فمهما فعلت ذلك ومهما أضفت فإنهم سيكونون أحقر وأدنى من تلك الأوصاف التي تطلق على البشر أحياناً في مجال الهجاء والازدراء أو التحقير والتقليل من الشأن.. لأنها تطلق في النهاية على بشر، وهو ما لا نقصده هنا بلاشك لأنهم ليسوا ببشر.. ولكن نستخدمها تجاوزاً لأن اللغة لم تسعفنا بأوصاف تُستخدم خصيصاً لهجاء أو ازدراء الحيوانات. نعم لقد كشفت لنا هذه الثورات المباركة في عالمنا العربي والإسلامي حقائق كنا نسمع بها ونقرأ عنها منذ زمن طويل عن بعض الحكّام العرب وعن خيانتهم وتواطئهم مع أعداء الأمة العربية والإسلامية فإذا بنا نجدها حقيقة ماثلة أمام أعيننا بأن هؤلاء الحكّام كانوا عبيداً وذيولاً عند أعداء الأمة وكانوا يمثّلون علينا عروبتهم بل وإسلامهم فإذا بهم أبعد ما يكونون عن العروبة وعن الدين، ويشاء الله تبارك وتعالى أن يُذلَ هؤلاء الطغاة على يد "أصدقائهم وحلفائهم" من الغرب قبل أن يُذلّهم على يد شعوبهم الحرّة الأصيلة، فإذا بأصدقاء هؤلاء الحكام الخونة يتبرأون منهم بل ويهاجمونهم ويزدرونهم بل ويرفضون استقبالهم وحمايتهم وتأمين سلامتهم وذلك لانتهاء فترة صلاحيّتهم وانكشاف أوراقهم لدى العالم بأسره فأصبحوا عالة على رفاقهم في الغرب والشرق من أعداء الأمة، فالولايات المتحدة الأمريكية تخلّت عن الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك وباعته بثمن بخس وتبرأت منه جزاءً وفاقاً لما فعله في شعبه من ظلم وطغيان ومحاربة للإسلام وخيانة للأمة واستسلامه للكيان الصهيوني وتعاونه معه، فتخلّت عنه وتركته يواجه مصيره لوحده وكأنها لا تعرفه وتنكّرت له كما تنكّرت لشاه إيران من قبل، فهكذا شأنها تترك "عبيدها" يواجهون مصيرهم عند انتهاء فترة "خدمتهم" لها، وأنكرت "العيش والملح" واستبدلته بـ "بوب كورن وكوكا كولا" وجلست تتفرج وتضحك بمل شدقيها، بل وتزيده حسرة على حسرته بأن تعترف بسقوطه وحق شعبه في تقرير مصيره.. يالها من مسرحية كوميدية، وهكذا الحال بالنسبة للرئيس التونسي الذي خذلته فرنسا رغم عبوديّته لها ورغم إيمانه بعلمانيّتها وتطبيقه لأوامرها وتعاليمها، تركته فرنسا ليعيش بقية حياته في بلد إسلامي وهو الذي كان يكره الإسلام والمسلمين ويحاربه في كل ملامحه ومظاهره فإذا به يلجأ إلى بلد يُسمع فيها الأذان كل يوم خمس مرات ويحتضن قبلة المسلمين ومهوى قلوب المؤمنين في حين أن باريس كانت قبلته ومهوى فؤاده، ويتكرر الشيء ذاته عندما نذكر الهالك الرئيس الليبي "معمّر القذافي" الذي عشنا معه تراجيديا حزينة كثيراً وكوميديا ساخرة أحياناً أخرى حتى تخلّى عنه الغرب الذي طأطئ له رأسه دهراً من الزمن زاعماً أنه رجل عربي محافظ على قضايا عروبته فإذا بنا نكتشفه "صعلوكاً حقيراً وضيعاً" لا يستحق أن يكون خفيراً فكيف به رئيساً لبلد عربي أصيل.. أفسده وأضاعه دهراً من الزمن، فتخلّى عنه أسياده "الطليان" الذين زعم لنا أنه يحاربهم كما حاربهم المجاهد عمر المختار ولكن هيهات أن يتشبه الخنزير بالحصان، فالأول نجس ذليل وحقير الشأن والثاني شامخ أصيل ورفيع الشأن. وليس ببعيد عن تلك المصائر السوداء التي اختتم بها الثلاثة تاريخهم الطويل في الحكم فإن الرابع في طريقه إلى نفس المصير الأسود بإذن الله وهو الرئيس اليمني الذي كذب كثيراً كما كذب رفاقه السابقون وزعموا بأنهم يحرصون على وحدة أوطانهم وشعوبهم بينما فضح الله أمرهم وهتك أسرارهم بأن عرف العالم بأسره مدى حقارتهم وتواطؤهم ومخططاتهم لبث الفرقة بين شعوبهم وزيادة التعصب القبلي والعرقي بينهم، فاليمن كان سيكون بحال أفضل مما كانت عليه من دون هذا الطاغية الناشر للفرقة وللسلاح بين القبائل حتى يلهيهم بالاقتتال فيما بينهم، فبينما يُلهي الرئيس المصري شعبه بلقمة العيش ألهى هذا الطاغوت شعبه اليمني الأصيل بالاقتتال والعصبية حتى يلهو بأموال البلاد وينفرد بمصائر العباد. وكما كشفت لنا هذه الثورات المباركة تواطؤ هؤلاء الحكّام مع أعداء الأمة فإنها كشفت لنا كذلك مدى إجرامهم وسرقاتهم التي لم يشهد لها التاريخ مثيلاً مما جعلنا نبدو كأغفل وأغبى أمم الأرض بسكوتنا على كل تلك السرقات والجرائم من هؤلاء الطغاة دهراً من الزمن، فكم من أموال نهبت وسرقت وانصبت في جيوب هؤلاء الحكّام الطغاة وفي جيوب أعوانهم وأنصارهم بل وفي جيوب أعداء الأمة من الصهاينة ومن الغرب في شكل عمليات تسليح وصفقات أسلحة ومساعدات ومعونات وعمولات ورشى في كل المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية.. بل والثقافية والتعليمية. لقد تبين للعالم العربي والإسلامي بأسره أن النظام السوري المتمثل في الطاغية بشار الأسد لم يكن يدافع عن أراضيه ولا يحمي العروبة ولا يدافع عن الإسلام وإنما تبين لنا خلاف ذلك كلّه، فهو متواطؤ مع الكيان الصهيوني في كل أموره، وما تلك الهجمات بالطائرات التي شنّها هذا النظام المجرم على شعبه إلا بعد موافقة من حلفائه في الطرف الآخر من هضبة الجولان من الصهاينة الذين يريدونه في الحكم لتأمين ظهورهم بعد أن رسموا لنا مسرحية أخرى بأنهم قد أجروا اتفاقاً للسلام مع جارتيهم مصر والأردن ولكن بقي الصراع مع الجانب السوري الذي هو في حقيقة الأمر لم يكن صراعاً وإنما كان مسرحية رتّب لها هؤلاء لكي يبقوا في قائمة "المناضلين" وهم أبعد مايكونوا عن ذلك، تماماً كما فعل أعوان هذا النظام من مسرحية مشابهة في جنوب لبنان حيث حزب الله "تعالى الله عما يصفون" الذي رسم لنا صورة للنضال فإذا بها صورة للتواطؤ على إبادة الإسلام وأهله، كما فعل هذا الحزب الخبيث عندما أطلق صواريخه باتجاه الكيان الصهيوني من أراضٍ وقرى سنيّة بهدف أن يقوم حلفاءه في الكيان الصهيوني بالرد على مصدر تلك الصواريخ فتقضي على قرى أهل السنة والجماعة من المؤمنين الموحّدين، وليس بغريب أن نكتشف الكثير من الوثائق والاتفاقات السريّة لزعماء هذا النضال "الوهمي" في سوريا وفي لبنان حيث حزب الله "تعالى الله عما يصفون" مع أصدقائهم في الكيان الصهيوني، تماماً كما فعل الرئيس المخلوع حسني مبارك والذي سخّر أجهزة مخابراته للوساطة مع حركات المقاومة كحماس وغيرها، أو للتخابر لصالح الكيان الصهيوني في كل ما يخدم بقاء هذا الكيان الغاصب على أرض فلسطين ويخدم بقاء هؤلاء الأوغاد بين ظهرانينا. لقد ضرب لنا النظام السوري أوضح الأمثلة في حقارته وعنصريّته ووحشيّته تجاه الإسلام والمسلمين، فلم يبرهن كما يزعم الأحمق "بشّار الأسد" بأنه ضد الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل وإنما برهن لنا بأنه عميل لهم ولغيرهم من أعداء الأمة ومحاربو الإسلام كروسيا والصين، فمدّ كلتا يديه لمن عاونه في قتل شعبه وإبادته، مشتركاً معهم في غاية واحدة ألا وهي القضاء على أهل الإيمان الحق الذين سينتصرون لهذا الدين ولو بعد حين وسيقودون الجيوش مع إخوانهم من شتى أطراف العالم العربي والإسلامي لتحرير الأقصى من رجس اليهود ودنس الصليبيين الجدد، ومستعيناً كذلك بمواليه وأصدقائه في إيران والعراق ولبنان ممن أظهروا حقدهم الواضح، فلا مجال بعد ذلك للإنكار ولا مجال للتراجع عن الأفعال والأقوال التي أكدت تلطّخ أياديهم بدماء شعبنا المسلم في سوريا. إن هذا العدوان على أهلنا في سوريا وهذه الجرائم الوحشية التي لم يشهد لها التاريخ مثيلاً، لا يجب أن تمر مرور الكرام لا على هذا النظام البربري التتري المغولي الجديد ولا على أنصاره، وعلى العالم العربي والإسلامي شعوباً وأنظمة أن يتحركوا لنصرة إخوانهم والدفاع عنهم، فلا يتردد عن نصرتهم إلا كل متخاذل منافق متواطؤ مثلهم على قتل وإبادة شعبنا المسلم في سوريا. فكيف ببلاد إسلامية وأنظمة تزعم بأنها تحكم بشرع الله ولا تتحرك لنصرة أهل سوريا بعد كل تلك المشاهد التي يشيب لها الولدان وتُجن لها العقول، بل وأعجب من دول عربية وإسلامية مازالت بعد مضي ما يقارب العام على اندلاع الثورة السورية وبداية مسلسل القتل اليومي هناك.. لاتزال دول عربية وإسلامية – للأسف – لم تنطق ببنت شفة تجاه تلك الأحداث وكأنه لا يعنيها ذلك لا من قريب ولا من بعيد، إن علينا أن نعاود النظر في تلك الدول الساكتة بل الخرساء عن قول الحق ورفع الظلم عن أهل سوريا، فبلا شك ستجدها دولاً ظالمة جائرة على شعوبها قامعة لهم، وما تلك الدول ببعيدة من انتقام الله لها ومن حكّامها الذين صمتوا في وجه الطغاة وأعانوهم على قتل شعب سوريا بسكوتهم وحيادهم الذي هو أقرب للخيانة العظمى، لقد تأكد لدينا بأن كل من سكت عن هذا الطاغية فهو طاغية طاغوت مثله وعلى شاكلته، وعجيب أمر تلك الشعوب التي رضت بأن يقف حكّامها تلك المواقف واكتفت بحملات إغاثة لأهل سوريا وذلك من باب "ذرّ الرماد في العيون" ومن باب "التسكيت" أو من باب "فعلنا اللي علينا والباقي على ربنا" ولبئس مافعلوا، فمثلهم كمثل الذي ترك القاتل يستمر في القتل رغم قدرته على إيقافه واكتفى بتضميد جراح المصابين أو تكفين الجثث ممن خلّفهم هذا المجرم الطليق وراءه، فوالله إنهم سيُسألون عن مقدار جهدهم في ردع هذا العدوان الوحشي على أهلنا في سوريا، فإن كان فوق طاقتهم فلا يكلّف الله نفساً إلا وسعها وإن كان دون ذلك فويل لهم من انتقام الله عز وجل. لقد تمادى هذا المجرم القاتل في حربه على الإسلام وأهله في سوريا، وتمادى أعوانه في التنكيل بشعب سوريا المسلم، وعاثوا في البلاد فساداً وعدواناً، وليس في قتل الأطفال والتنكيل بهم وإبادتهم بشكل جماعي وكذلك قتل الشباب واغتصاب النساء إلا دليل على انعدام الرحمة في قلوب هؤلاء الفجّار الذين لم يشهد التاريخ وحشية كوحشيّتهم وانعدام إنسانيتهم، إن لنا مع كل أولئك الأوغاد والأعداء والمتخاذلون وقفة أخرى بعد أن يتحقق النصر على هذا الظالم وأعوانه قريباً بإذن الله، فلن نتركهم بعدما انكشفت ألاعيبهم ومؤامراتهم ضدنا وضد أوطاننا وديننا، ولن نتوقف عن التحذير منهم ولن نتوانى عن كشف مخططاتهم.. حتى يتحقق النصر للإسلام والمسلمين وترتفع راية الحق ويتحرر المسجد الأقصى من رجس اليهود ودنس الصليبيين الجدد.. فحتى ذلك الحين نقول: صبراً أهل سوريا.. فإنّ موعدكم الجنة.