01 أكتوبر 2025

تسجيل

فن الشارع ثورة في عالم الفن التشكيلي

15 فبراير 2013

فن الشارع، الذي يمثل الرسم الخارج عن التقاليد والأعراف الفنية، والذي يعبّر من خلاله الفنانون بدون تزييف أو تجميل للواقع عن آرائهم وأفكارهم وعن هموم المجتمع من حولهم، ليس في المعارض والقاعات وإنما في الشوارع وعلى جدران المباني وفي أنفاق المترو، مستخدمين أساليب فريدة منفلتة من أي قيود فنية، كعلب الرش وفراشي الأسنان وبقايا المصابيح الضوئية.. التي تتحول بأيديهم إلى لوحات غريبة ومثيرة مستخدمين في تلوينها طلاء المنازل أو ألوان الحبر والباستيل أو أي مادة تخطر ببالهم.. فن الشارع الذي ظهر في أواخر سبعينيات القرن الماضي في مدن أوروبية وأمريكية كبرى مثل لندن وباريس ونيويورك، كان يعدُّ في أواخر القرن الماضي تخريباً مبتذلاً للفن الراقي القائم على أصول فنية متفق عليها. لكنه سرعان ما انتشر في السنوات الأخيرة في أرجاء واسعة من العالم، وحظى باهتمام وإقبال كبير من الناس من أعمار وطبقات مختلفة، وكان رواد هذا الفن من أمثال الفنان البريطاني بانكسي في حرب شعواء مع عمال البلدية الذين كانوا يمسحون يومياً ما يرسمه بانكسي في الليل في أنفاق المترو.. بانكسي بعد أن كان مطارداً من عمال البلدية استطاع أن يحجز لنفسه مكاناً بارزاً في متاحف كبرى مثل متحف بريستون للفنون، ليقدر نقاد الفن قيمة إحدى لوحاته بحوالي ٣٠٠ ألف جنيه إسترليني.. ومن الأشياء المثيرة التي قام بها بانكسي قيامه بالرسم على الجدار العازل في فلسطين المحتلة مبرراً الأمر بقوله: "إن ما أراه مثيراً في هذا الحائط، هو انني أستطيع أن أحول بناء مخزياً وبشعاً مثل هذا، إلى أطول معرض للحريات في العالم".. أما الفنان الأمريكي جان ميشال باسكيا الذي بدأ بواكير رسوماته على الجدران، واستطاع بعد سنوات قليلة أن يتبوأ مكانة مرموقة في الأوساط الفنية في نيويورك. حيث كان يعيش من أجل الفن فقط، ويعمل لساعات طويلة في مرسمه دون كلل أو ملل، وترك قبل أن يفارق الحياة إرثاً فنياً هائلاً.. ومن فناني الشارع الفنان الأمريكي الموهوب شيبرد فيري الذي حقق نجاحات كبيرة في فن الشارع وفن الملصقات والإعلانات التجارية، وكانت قمة نجاحه المهني عندما صمم ملصقات حملة الرئاسة الأمريكية في عام 2008 للمرشح آنذاك باراك أوباما، الذي سرعان ما انتشر في أنحاء الولايات المتحدة تحت شعار (أمل أوباما ).. أما الفنان الفرنسي تييري غويتا الذي يطلق على نفسه لقب (مستر برين ووش)، فيعد من أكثر فناني الشارع إثارة للدهشة، حيث تبدو لوحاته كجدار تراكمت عليه الملصقات الإعلانية بين قديم وحديث، ويقف أمامها العالم أينشتاين يحمل راية المتظاهرين وكتب عليها (الحب هو الجواب)، أو شارلي شابلن الذي يقف على الجدار نفسه وحوله قلب أحمر من الطلاء الذي يسيل على الجدار.. الفنان الأمريكي روي ليختنشتاين لم ير الحياة إلا حاضنة لرسوم متحركة تدور وقائعها في مكان متخيل، يمثل حياة لم تقع على الأرض غير انها أصبحت ممكنة؛ ليختنشتاين تعدُّ أعماله روائع تاريخية، مثل شخصية الفأر ميكي، الرجل الخارق (سوبرمان)، الرجل الوطواط (بات مان)، ويعبر ليختنشتاين عن عشقه لفنه بقوله: "الكائنات الطالعة من الرسوم تشبهنا، غير أنها لا تعيش إلا جزءاً مقتطعاً من شروط حياتنا، هي كائنات تقف عند الحدود التي تفصل بين الواقع والوهم.. إنها تشبهنا".. فن الشارع شهد انتشاراً غير مسبوق مع ثورات الربيع العربي، حيث عبّر الكثير من الفنانين بلوحات مثيرة عن الغضب والرفض الثوري الذي يشعرون به ومعهم مجتمعات بأكملها، على جدران المباني والجسور، وفي أنفاق المترو.. وحتى على أرضية الشوارع.