17 سبتمبر 2025
تسجيليوم الخميس الماضي، الموافق 11 يناير الجاري، قام الرئيس التعيس دونالد ترامب بتلويث الفضاء الأخلاقي، بأن وصف الأفارقة بأنهم ينتمون إلى بؤر فضلات بشرية، وبما أنني أفريقي أصيل، فإن الإساءة موجهة لي، ولن أكتفي بقول "وإذا أتتك مذمتي من ناقص/ فهي الشهادة لي بأني كامل". ترامب ليس فقط ناقص عقل وفقير أخلاق، بل هو الدليل الحي والقاطع على خطأ وخطل نظرية التطور لتشارلس داروين، القائلة بأن الإنسان كان في أحد مراحل تطوره قرداً، بل هو دليل حي وقاطع بأن الله يخلق الإنسان في أحسن تقويم ثم يرده إلى أسفل سافلين، وما جعل ترامب رمزا للسفالة، هو لسانه السافل الذي جعل منه حصانا حرونا يرفس به الناس، فهو أول من استخدم تطبيق تويتر لإشاعة التوتر بين الناس ولم يسلم من بذاءاته حتى قومه الأمريكان. وقلت في مقال سابق لي هنا: إنني بحثت عن مفردة تفي ترامب حقه وفكرت في "أحمق/ أخرق"، ولكنني أحسست بأن أيّاً من الكلمتين لا تنصف الرجل ثم تذكرت تلك الكلمة السحرية التي جاءتنا على لسان الممثل عادل إمام فصحت باليونانية: يوريكا (وجدتها)، وهي الكلمة التي دخل بها أرخميدس التاريخ عندما كان يسبح ثم اهتدى الى نظرية الطفو، فخرج بكل قلة حياء يركض وهو "ربي كما خلقتني"! وكان لابد للكلمة السحرية التي تصف ترامب وصفا دقيقا ومنصفا – وهي "خُرُنق"- أن تأتي من خارج القواميس المتداولة، لأنه (ترامب) خارج نواميس العقل والمنطق. (على ذكر السباحة التي جعلت أرخميدس يكتشف نظرية الطفو، يقول بعض الظرفاء، إن تفاحة نيوتن قادت لاكتشاف نظرية الجاذبية، ثم جاءت تفاحة ستيف جوبس، فكانت كمبيوترات أبِل، والآيبود والآيباد والآيفون، ثم جاء دور العرب مع التفاحة فصنعوا منها معسل شيشه يهبل). وضع الآباء المؤسسون للولايات المتحدة واحدا من أروع الدساتير لحكم بلد يتألف من مواطنين من خلفيات دينية وإثنية واجتماعية مختلفة، ويحدد الدستور الأمريكي متى وكيف يتم تجريد رئيس البلاد من منصبه، ولكن وجه القصور فيه، أنه لا ينص على إبعاد الرئيس عن كرسي الحكم إذا كان قاصرا عقليا، وطائشا وغير متوازن التفكير. وترامب، وبكل المقاييس، من ذوي الاحتياجات الذهنية الخاصة، وقد سبقه إلى البيت الأبيض رؤساء كانوا يعانون من إعاقات لم تمنعهم من تسيير الأمور باقتدار وحذق، فجورج واشنطن، وهو أول رئيس للولايات المتحدة كان يعاني من عجز مريع في القراءة والكتابة لإصابته بالإعاقة المعروفة علميا باسم "ديسلكسيا"، ولكنه ناضل وهزم الإعاقة واستحق لقب "الأب"، وتوماس جيفرسون الذي صاغ إعلان الاستقلال كان يعاني من نفس تلك الإعاقة. جيمس ماديسون (أبو الدستور الأمريكي) كان يعاني من الصرع، أما فرانكلين روزفلت، فقد أخرج بلاده من وهدة الكساد الاقتصادي، وقادها إلى النصر على النازية في أوربا، وهو يجلس على كرسي مدولب/ متحرك، لأنه عانى من الشلل، ويعتبره معظم الأمريكان أعظم رؤسائهم على الإطلاق. ولا شك عندي في أن هذيان ترامب وبذاءاته ناجمة عن عنجهية عنصرية كانت مكشوفة حتى قبل أن يصف الدول الأفريقية بأنها "حفرة *را" (هاتان الكلمتان هما الترجمة الحرفية الدقيقة للوصف الذي جاء على لسانه لتلك الدول)، فقد وصف المكسيكيين، وعموم أهل أمريكا اللاتينية، بأنهم مجرمون وتجار مخدرات، وأعلن عن نيته بناء سور على امتداد حدود بلاده مع المكسيك لمنع أهل هذا البلد من تلويث أرض ونسل الولايات المتحدة. وتجلت النزعات العنصرية لترامب حتى قبل أن يصل إلى البيت الأبيض، فعندما صار الأسود باراك أوباما رئيسا، ركبت العفاريت ترامب، وصار يهذي بكل ما حسب أنه سيقلل من شأن أوباما، وبلغ به الشطط ،أن زعم أن أوباما أمريكي بـ"التزوير"، ثم وهو يخوض الحملة الانتخابية الرئاسية، وبعد أن كسبها كان يحز في نفسه أن ذلك الأسود أثبت قدرات قيادية عالية أكسبته احترام الرأيين العالمي والأمريكي، ومن ثم جعل كل همه خلال الأشهر الأولى من حكمه تفكيك إنجازات أوباما ونقض كل عهد واتفاق أبرمه أوباما. والشاهد: ترامب رجل هوائي، أي من الصنف الذي إذا رأى جنازة مهيبة يسير فيها خلق كثير، تمنى لو كان الميت، ومن ثم فهو يسعد بتلقي السباب والشتائم، لأن ما يهمه هو أن يكون مالئ الدنيا وشاغل الناس، حتى لو كان ذلك للأسباب الخطأ، لأنه كما قال إيليا أبو ماضي "يتشيطن، كي يقول الناس عنه تشيطنا"