12 سبتمبر 2025

تسجيل

الانتحار الذاتي للإخوان المسلمين (12)

15 يناير 2016

مع انتقال جماعة الإخوان المسلمين من مربع المعارضة إلى مربع الحكم بدأت مرحلة جديدة من حياة الجماعة والتيار الإسلامي بشكل عام، فرغم عدم مشاركة الجماعة بشكل مؤسسي في الثورة، وترك المجال لأعضاء الجماعة للانخراط في المظاهرات الشعبية، فقد لعبت الجماعة على "الحبلين"، فهي من جهة تستطيع أن تقول أنها لم تشارك في الثورة إذا ما هزمت أمام النظام، وفي الوقت نفسه تستطيع أن تقول أنها جزء من الثورة بمشاركة أعضائها بشكل فردي، وهو ما جعل من الجماعة هدفا لانتقادات شديدة من قبل كثير من المعارضين، فقادة الحركة كانوا يجتمعون مع مدير المخابرات المصرية عمر سليمان، بل وتوصلوا إلى اتفاق معه بالاشتراك مع الأحزاب التقليدية الأخرى، في الوقت نفسه الذي كان أعضاء من الجماعة يشاركون بفاعلية في المظاهرات الشعبية.تمكن شباب جماعة الإخوان المسلمين من السيطرة على الحراك الشعبي، رغم الدخول غير المؤسسي والمرتبك، والتأخر في النزول إلى الميدان، ظهرت الخبرة الكبيرة في العمل الميداني التي اكتسبها الإخوان من العمل الاجتماعي والخيري، وسرعان ما تحولوا إلى قيادات ميدانية لغالبية النشاطات، فهم الجهة الأكثر تنظيما وانضباطا وحيوية وسرعة، ولهم امتدادات على كامل التراب المصري، ويتمتعون بتعاطف قطاع كبير من الشعب، وهذا ما دفع بهم إلى المقدمة.مما لا شك فيه أن ثورة يناير في مصر لم تكن لتنتصر بهذه السرعة لولا نزول الإخوان المسلمين إلى الشوارع والميادين، فهم الجهة الوحيدة التي كانت تستطيع أن تواجه النظام الحاكم وآلته العسكرية والإعلامية، وبنزولهم إلى الشوارع تحولت المظاهرات إلى "مليونيات" حاشدة، اجتاحت كل المدن المصرية، وعندها وجد نظام مبارك نفسه محاصرا، وكان لا بد من التضحية برأس النظام، فتم خلع مبارك من الحكم أو "تخليه" عنه، وتم تفويض السلطة للمجلس العسكري، أي أن مصر أصبحت تحت سيطرة وقيادة جنرالات الجيش، طنطاوي وسامي عنان، واستمرت المظاهرات الشعبية التي يقودها الإخوان للضغط على الجنرالات ومنعهم من الطمع في البقاء والسلطة، ولم تنتهج قيادة جماعة الإخوان المسلمين نهجها عدوانيا ضد المجلس العسكري، بل كانت المواجهة معه سلمية، فالجماعة كانت تتحكم بمفاتيح المظاهرات في الميادين والشوارع، وكانت تصنع قواعد اللعبة مع كل القوى السياسة الفاعلة بالإضافة إلى المجلس العسكري، وارتأت أن تنضج الثمرة لإسقاطها وعدم أخدها قبل أوانها، وانتهجوا سياسة مزدوجة تضمنت التلويح بممارسة القوة في الشارع أو التوصل إلى حل سلمي، وقد كانوا على حق في ذلك، فقد كانت الجماعة متأكدة أن ثمرة الثورة ستسقط في حضنها في النهاية، وهي السياسة التي انتقدها معارضو الجماعة، بل ذهب البعض إلى الحديث عن وجود "مؤامرة" بين الإخوان والمجلس العسكري لتقاسم السلطة وتقاسم المصالح، ولم يكن هذا صحيحا، فالإخوان كانوا ينتهجون سياسة الانتظار إلى حين وقوع المجلس العسكري وتسليمه السلطة طواعية دون الدخول في صراع يؤدي إلى إراقة الدماء.